الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      مسألة السنة المستقلة بتشريع الأحكام ولهذا لم يفرد إمام الحرمين السنة عن الكتاب . وقال : كل ما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى ، فلم يكن لذكر فصل بين الكتاب والسنة معنى ، ونص الشافعي في " الرسالة " على أن السنة منزلة كالقرآن محتجا [ ص: 7 ] بقوله تعالى : { واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة } فذكر السنة بلفظ التلاوة كالقرآن ، وبين سبحانه أنه آتاه مع الكتاب غير الكتاب ، وهو ما سنه على لسانه مما لم يذكره فيه ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : { ألا إني قد أوتيت الكتاب ومثله معه } رواه أبو داود ، وفي بعض طرقه أنه قال : { دخل يوم خيبر لما حرم لحوم الحمر } . قال الحافظ الدارمي : يقول : { أوتيت القرآن ، وأوتيت مثله } من السنن التي لم ينطق بها القرآن بنصه ، وما هي إلا مفسرة لإرادة الله به ، كتحريم لحم الحمار الأهلي ، وكل ذي ناب من السباع ، وليسا بمنصوصين في الكتاب . وأما الحديث المروي من طريق ثوبان في الأمر بعرض الأحاديث على القرآن ، فقال الشافعي في " الرسالة " : ما رواه أحد ثبت حديثه في شيء صغير ولا كبير ، وقد حكم إمام الحديث يحيى بن معين بأنه موضوع ، وضعته الزنادقة . [ ص: 8 ] قال ابن عبد البر في كتاب جامع بيان العلم " : قال عبد الرحمن بن مهدي : الزنادقة والخوارج وضعوا حديث : { ما أتاكم عنيفا عرضوه على كتاب الله ، فإن وافق كتاب الله فأنا قلته ، وإن خالف فلم أقله } . قال الحافظ : وهذا لا يصح ، وقد عارضه قوم ، وقالوا : نحن نعرضه على كتاب الله فوجدناه مخالفا للكتاب ; لأنا لم نجد فيه : لا يقبل من الحديث إلا ما وافق الكتاب ، بل وجدنا فيه الأمر بطاعته ، وتحذير المخالفة عن أمره حكم على كل حال . انتهى .

                                                      وقال ابن حبان في صحيحه في قوله صلى الله عليه وسلم : { بلغوا عني ولو آية } : فيه دلالة على أن السنة يقال فيها : آي . وقال الشافعي في " الرسالة " في باب فرض طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم : قال تعالى : { من يطع الرسول فقد أطاع الله } وكل فريضة فرضها الله تعالى في كتابه كالحج والصلاة والزكاة لولا بيان الرسول ما كنا نعرف كيف نأتيها ، ولا كان يمكننا أداء شيء من العبادات ، وإذا كان الرسول من الشريعة بهذه المنزلة كانت طاعته على الحقيقة طاعة لله .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية