الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في الشركة بالمالين المتفاضلين على أن الربح والوضيعة بينهما بالسوية قلت : أرأيت إن أخرجت ألف درهم ، وأخرج رجل آخر ألفي درهم ، فاشتركنا ، على أن الربح بيننا والوضيعة بيننا نصفين ؟ قال : قد أخبرتك أنها فاسدة عند مالك . قلت : فإن عملا على هذه الشركة فربحا ؟ قال : قد أخبرتك أن الربح بينهما على قدر رءوس أموالهما عند مالك ، ويكون للقليل رأس المال على صاحبه من الأجرة بحال ما [ ص: 609 ] وصفت لك . قلت : فإن عملا فوضعا نصف رأس المال الذي في أيديهما ؟ قال : الوضيعة عند مالك عليهما ، على قدر رءوس أموالهما ، لأن الفضل الذي يفضله به صاحبه على رأس ماله ، إنما كان ذلك الفضل في ضمان صاحبه ، الذي الفضل له ، ولم يضمن له شريكه من ذلك الفضل شيئا . ألا ترى أن ربح ذلك الفضل ، إنما هو للذي له الفضل .

                                                                                                                                                                                      فهذا يدلك على أن المصيبة في الفضل من الذي له الفضل . قلت : فإن ذهب رأس المال خسارة ، أو ركبهما ثلاثة آلاف دينار من تجارتهما بعد وضيعتهما رأس المال كله ، كيف تكون هذه الوضيعة عليهما ، والشركة فاسدة على ما وصفت لك ، وقد كان شرطهما على أن الوضيعة بينهما نصفين ؟ قال : أرى الدين الذي لحقهما من تجارتهما ، يكون عليهما على قدر رءوس أموالهما ، فيكون على صاحب الألف ثلث هذا الدين ويكون على الذي كان رأس ماله ألفين ثلثا هذا الدين ، لأن الشركة إنما وقعت بينهما بالمال ليس بالأبدان . فما لحقهما من دين ، فض على المال الذي به وقعت الشركة بينهما وهو رأس أموالهما ، فيكون على الذي رأس ماله ألف من الدين الذي لحق الثلث ، وعلى الذي رأس ماله ألفان الثلثان ، ولا يلتفت إلى الشرط الذي شرطاه بينهما ، لأن الشرط كان فاسدا . قال : وهذا الآخر لم أسمعه من مالك ، ولكنه رأيي ، مثل ما قال لي مالك من الوضيعة في رأس المال

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية