الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
2053 - (إن الصفا الزلال الذي لا تثبت عليه أقدام العلماء الطمع) ابن المبارك وابن قانع عن سهيل ابن حسان مرسلا (ض)

التالي السابق


(إن الصفا) بالقصر أي الحجارة المليس واحدتها صفاة كحصى وحصاة أو الحجر الأملس فهو يستعمل في الجمع والمفرد فإذا استعمل في الجمع فهو الحجارة أو في المفرد فالحجر (الزلال) بتشديد اللام الأولى بضبط المؤلف أي مع فتح الزاي وكسرها والكسر كما في المصباح أفصح أرض مزلة تزل بها الأقدام والمزلة المكان الرحب (الذي لا تثبت عليه) أي لا تستقر (أقدام العلماء الطمع) فإنه يذهب الحكمة من قلوبهم كما يأتي في خبر الشيطان طلاع رصاد لدعائهم له يشغلهم عن ذكر الله وصرف زمنهم بعلمهم في المنازعات والمكدرات وطول الهموم في التدبيرات حتى تنقضي أعمارهم وهم على تلك الحال فيكون علمهم عليهم وبالا حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا وعدم الطمع والزهد في الدنيا لما كان ملكا حاضرا حسدهم الشيطان عليه فصدهم عنه وصيرهم بالطمع عبيدا لبطونهم وفروجهم حتى صار أحدهم مسخرا له كالبهيمة يقوده بزمام طمعه إلى حيث يهوي قال الشافعي رضي الله تعالى عنه كتب حكيم لحكيم قد أوتيت علما فلا تدنس علمك بظلمة الذنوب والطمع فتبقى في الظلمة يوم يسعى أهل العلم بنور علمهم وقال الراغب: العالم طبيب الدين والدنيا داء الدين فإذا جر الطبيب الداء إلى نفسه فكيف يداوي غيره وقال: من أبواب الشيطان العظيمة الطمع فإذا غلب الطمع على القلب لم يزل الشيطان يحسن إليه التصنع والتزين لمن طمع فيه بأنواع الرياء والتلبيس حتى يصير المطموع فيه كأنه معبوده فلا يزال يتفكر في حيلة التودد والتحبب إليه ويدخل كل مدخل للوصول إلى ذلك وأقل أحواله الثناء عليه بما ليس فيه والمداهنة فيه بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد روى صفوان بن سليم أن إبليس تمثل لعبد الله بن حنظلة وقال احفظ عني شيئا قال لا حاجة لي به قال تنظر فإن كان خيرا اقبله وإلا فلا: لا تسأل إلا الله سؤال رغبة وانظر كيف تكون إذا غضبت وقال بعضهم: الطمع هو الذي يذل الرقاب ويسود الوجه ويميت القلوب وعلاجه سلوك طريق القناعة ويحصل بسد باب التوسعات والاقتصار على ما لا بد منه مأكلا ومشربا ومسكنا وملبسا ونحو ذلك. قال أبو جعفر البغدادي: ست خصال لا تحسن بست رجال لا يحسن الطمع في العلماء ولا العجلة في الأمراء ولا الشح في الأغنياء ولا الكبر في الفقراء ولا السفه في المشايخ ولا اللؤم في ذوي الأحساب

(ابن المبارك) في الزهد (وابن قانع) في المعجم كلاهما عن ابن معين (عن سهيل) بالتصغير وفي نسخة سهل والأول هو ما في خط المصنف (ابن حسان) الكلبي (مرسلا) وظاهر صنيع المصنف أنه لم يقف عليه مسندا وإلا لما عدل لرواية إرساله ورواه ابن عدي والديلمي موصولا من حديث أسامة بن زيد وابن عباس وأورده ابن الجوزي في الموضوعات.




الخدمات العلمية