الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3222 [ ص: 394 ] باب جلد التعزير

                                                                                                                              وقال النووي : ( باب قدر أسواط التعزير ) .

                                                                                                                              وهو في المنتقى في : (باب ما جاء في قدر التعزير ) .

                                                                                                                              (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 221 ج 11 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [ عن أبي بردة الأنصاري ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط، إلا في حد من حدود الله ".]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي بردة ) بن نيار (الأنصاري ) رضي الله عنه : (أنه سمع رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم يقول : لا يجلد أحد (ضبط بوجهين : معروف ، ومجهول. قال النووي : وكلاهما صحيح.

                                                                                                                              وزاد في النيل : وروي بصيغة النهي مجزوما. وبصيغة النفي مرفوعا.

                                                                                                                              (فوق عشرة أسواط (وفي رواية : " ضربات" (إلا في حد من حدود الله ) .

                                                                                                                              المراد به : ما ورد عن الشارع مقدرا بعدد مخصوص ؛ كحد الزنا ، والقذف ، ونحوهما.

                                                                                                                              [ ص: 395 ] وقيل : المراد بالحد هنا : عقوبة المعصية مطلقا. لا الأشياء المخصوصة. فإن ذلك التخصيص إنما هو من اصطلاح الفقهاء. وعرف الشارع : إطلاق الحد على كل عقوبة لمعصية من المعاصي ، كبيرة أو صغيرة. ونسب ابن دقيق العيد هذه المقالة : إلى بعض المعاصرين له. وإليها ذهب الحافظ ابن القيم. وقال : المراد بالنهي المذكور في التأديب للمصالح ؛ كتأديب الأب ابنه الصغير. واعترض على ذلك : بأنه قد ظهر أن الشارع يطلق الحدود على العقوبات المخصوصة. ويؤيده قول عبد الرحمن بن عوف : إن أخف الحدود : " ثمانون".

                                                                                                                              وقد ذهب إلى العمل بحديث الباب ، جماعة من أهل العلم ، منهم : الليث ، وأحمد ، وأشهب المالكي ، وبعض الشافعية.

                                                                                                                              وذهب أبو حنيفة ، والشافعي : إلى جواز الزيادة على عشرة أسواط. ولكن لا يبلغ إلى أدنى الحدود. ونسبه النووي إلى الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. وقال : قال أصحابنا : إن الحديث منسوخ.

                                                                                                                              وتأوله المالكية على أنه كان ذلك مختصا بزمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. لأنه كان يكفي الجاني منهم هذا القدر. قال : وهذا التأويل ضعيف. انتهى.

                                                                                                                              قلت : وهكذا القول بنسخ الحديث. فإن النسخ لا يثبت إلا بدليل. وأين الدليل ؟ قال البيهقي : عن الصحابة آثار مختلفة في مقدار التعزير. وأحسن ما يصار إليه في هذا : ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ثم ذكر حديث أبي بردة هذا.

                                                                                                                              [ ص: 396 ] قال الحافظ : فتبين بما نقله عن الصحابة : أن لا اتفاق على عمل في ذلك. فكيف يدعى نسخ الحديث الثابت ، ويصار إلى ما خالفه من غير برهان ؟

                                                                                                                              قال الشوكاني : والحق العمل بما دل عليه الحديث الصحيح المذكور في الباب. وليس لمن خالفه متمسك يصلح للمعارضة. وقد نقل القرطبي عن الجمهور : أنهم قالوا بما دل عليه. وخالفه النووي ، فنقل عن الجمهور : عدم القول به. ولكن إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل. فلا ينبغي لمنصف : التعويل على قول أحد ، عند قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.


                                                                                                                              دعوا كل قول عند قول محمد فما آمن في دينه كمخاطر

                                                                                                                              .

                                                                                                                              انتهى حاصله.




                                                                                                                              الخدمات العلمية