الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10350726لا فرع ولا عتيرة " . فالفرع - بفتح الفاء والراء وبالعين المهملة - أول نتاج البهيمة كانوا يذبحونه ولا يملكونه رجاء البركة في الأم وكثرة نسلها . والعتيرة - بفتح العين المهملة - ذبيحة كانوا يذبحونها في العشر الأول من رجب . ويسمونها : الرجبية أيضا . وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13459ابن كج وغيره فيهما وجهين : أحدهما : تكرهان للخبر . والثاني : لا كراهة فيهما ، والمنع راجع إلى ما كانوا يفعلونه ، وهو الذبح لآلهتهم ، أو أن المقصود نفي الوجوب ، أو أنهما ليستا كالأضحية في الاستحباب ، أو في ثواب إراقة الدم . فأما تفرقة اللحم على المساكين ، فبر وصدقة . وحكي أن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله قال : إن تيسر ذلك كل شهر ، كان حسنا .
قلت : هذا النص nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي رحمه الله في سنن حرملة ، والحديث المذكور في أول الفصل في " صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " وغيره ، وفي " سنن أبي داود " وغيره حديث آخر [ ص: 234 ] يقتضي الترخيص فيهما ، بل ظاهره الندب ، فالوجه الثاني يوافقه ، وهو الراجح . واعلم أن الإمام الرافعي رحمه الله ، ترك مسائل مهمة تتعلق بالباب .
إحداها : يكره nindex.php?page=treesubj&link=17526القزع ، وهو حلق بعض الرأس ، سواء كان متفرقا أو من موضع واحد ، لحديث " الصحيحين " بالنهي عنه . وقد اختلف في حقيقة القزع ، الصحيح : ما ذكرته . وأما حلق جميع الرأس ، فلا بأس به لمن لا يخف عليه تعاهده ، ولا بأس بتركه لمن خف عليه .
الثانية : يستحب nindex.php?page=treesubj&link=17530فرق شعر الرأس .
الثالثة : يستحب nindex.php?page=treesubj&link=17531الادهان غبا ، أي : وقتا بعد وقت ، بحيث يجف الأول .
الرابعة : يستحب nindex.php?page=treesubj&link=17575الاكتحال وترا . والصحيح في معناه : ثلاثا في كل عين .
والخامسة : nindex.php?page=treesubj&link=753_776_778تقليم الأظفار ، وإزالة شعر العانة ، بحلق ، أو نتف ، أو قص ، أو نورة ، أو غيرها ، والحلق أفضل . ويستحب nindex.php?page=treesubj&link=763إزالة شعر الإبط بأحد هذه الأمور ، والنتف أفضل لمن قوي عليه . ويستحب nindex.php?page=treesubj&link=756قص الشارب ، بحيث يبين طرف الشفة بيانا ظاهرا . ويبدأ في هذه كلها ، باليمين ، ولا يؤخرها عن وقت الحاجة ، ويكره كراهة شديدة ، تأخيرها عن أربعين يوما ، للحديث في " صحيح مسلم " بالنهي عن ذلك .
السادسة : من السنة nindex.php?page=treesubj&link=766_768غسل البراجم ، وهي عقد الأصابع ومفاصلها ، ويلتحق بها إزالة ما يجتمع من الوسخ في معاطف الأذن وصماخها ، وفي الأنف وسائر البدن .
السابعة : nindex.php?page=treesubj&link=23301_33349خضاب الشعر الشائب بحمرة أو صفرة سنة ، وبالسواد حرام . وقيل : مكروه . وأما خضاب اليدين والرجلين ، فمستحب في حق النساء ، كما سبق في باب الإحرام ، وحرام في حق الرجال إلا لعذر .
التاسعة : ذكر nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي وغيره ، nindex.php?page=treesubj&link=25495في اللحية عشر خصال مكروهة : خضابها [ ص: 235 ] بالسواد إلا للجهاد ، وتبييضها بالكبريت أو غيره استعجالا للشيخوخة ، ونتفها أول طلوعها إيثارا للمرودة وحسن الصورة ، ونتف الشيب ، وتصفيفها طاقة فوق طاقة تحسنا ، والزيادة فيها ، والنقص منها بالزيادة في شعر العذارين من الصدغين ، أو أخذ بعض العذار في حلق الرأس ، ونتف جانبي العنفقة ، وغير ذلك ، وتركها شعثة إظهارا لقلة المبالاة بنفسه ، والنظر في بياضها وسوادها إعجابا وافتخارا ، ولا بأس بترك سباليه ، وهما طرفا الشارب .
العاشرة : في " صحيح مسلم " عن النبي صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10350727إن أحب أسمائكم إلى الله عز وجل ، عبد الله ، وعبد الرحمن " ، وإذا سمي إنسان باسم قبيح ، فالسنة تغييره . وينبغي للولد والتلميذ والغلام ، أن لا يسمي أباه ومعلمه وسيده باسمه . ويستحب تكنية أهل الفضل من الرجال والنساء ، سواء كان له ولد ، أم لا ، وسواء كني بولده ، أم بغيره . ولا بأس بكنية الصغير ، وإذا كني من له أولاد ، فالسنة أن يكنى بأكبرهم ، ونص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله ، أنه لا يجوز التكني بأبي القاسم ، سواء كان اسمه محمدا ، أم غيره ، للحديث الصحيح في ذلك ، وسنوضحه في أول النكاح إن شاء الله تعالى . ولا بأس بمخاطبة الكافر والمبتدع والفاسق بكنيته إذا لم يعرف بغيرها ، أو خيف من ذكره باسمه فتنة ، وإلا فينبغي أن لا يزيد على الاسم . والأدب أن لا يذكر الإنسان كنيته في كتابه ولا غيره ، إلا أن لا يعرف بغيرها أو كانت أشهر من اسمه . ولا بأس بترخيم الاسم إذا لم يتأذ صاحبه ، ولا بتلقيب الإنسان بلقب لا يكره . واتفقوا على تحريم تلقيبه بما يكرهه ، سواء كان صفة له ، كالأعمش والأعرج ، أو لأبيه ، أو لأمه ، أو غير ذلك . ويجوز ذكره بذلك للتعريف ، لمن لا يعرفه بغيره ، ناويا التعريف فقط .
وثبت في " صحيح مسلم " وغيره : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10350728إذا كان جنح الليل أو أمسيتم ، فكفوا صبيانكم ، فإن الشيطان ينتشر حينئذ ، فإذا ذهب ساعة من الليل ، فخلوهم ، وأغلقوا الباب ، واذكروا اسم الله ، فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا ، وأوكوا قربكم واذكروا [ ص: 236 ] اسم الله ، وخمروا آنيتكم واذكروا اسم الله ، ولو أن تعرضوا عليها شيئا ، وأطفئوا مصابيحكم " ، وفي رواية : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10350729لا ترسلوا فواشيكم وصبيانكم إذا غابت الشمس ، حتى تذهب فحمة العشاء " ، وفي رواية : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10350730لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون " .
فهذه سنن ينبغي المحافظة عليها ، وجنح الليل بضم الجيم وكسرها : ظلامه . وقوله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10350731تعرضوا عليها شيئا " - بضم الراء - على المشهور . وقيل : بكسرها ، أي : تجعلوه عرضا . وقوله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10350732لا ترسلوا فواشيكم " هي - بالفاء جمع فاشية - وهو كل ما ينشر من المال كالبهائم وغيرها ، وفحمة العشاء : ظلمتها . والله أعلم .