الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم ) هذه الآية فيها تعظيم المهاجرين والأنصار وهي مختصرة ; إذ حذف منها بأموالهم وأنفسهم ، وليست تكرارا ; لأن السابقة تضمنت ولاية بعضهم بعضا ، وتقسيم المؤمنين إلى الأقسام الثلاثة ، وبيان حكمهم في ولايتهم ونصرهم ، وهذه تضمنت الثناء والتشريف والاختصاص ، وما آل إليه حالهم من المغفرة والرزق الكريم وتقدم تفسير أواخر نظيرة هذه الآية في أوائل هذه السورة .

( والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم ) يعني الذين لحقوا بالهجرة من سبق إليها ، فحكم تعالى بأنهم من المؤمنين السابقين في الثواب والأجر ، وإن كان للسابقين شفوف السبق ، وتقدم الإيمان والهجرة والجهاد ، ومعنى من بعد : من بعد الهجرة الأولى ، وذلك بعد الحديبية ، قاله ابن عباس ، وزاد ابن عطية : وبيعة الرضوان ، وذلك أن الهجرة من بعد ذلك كانت أقل رتبة من الهجرة قبل ذلك ، وكان يقال لها : الهجرة الثانية ; لأن الحرب وضعت أوزارها نحو عامين ، ثم كان فتح مكة . وبه قال عليه السلام : لا هجرة بعد الفتح . وقال الطبري : من بعد ما بينت حكم الولاية ، فكان الحاجز بين الهجرتين نزول الآية ، فأخبر تعالى في هذه الآية أنهم من الأولين في الموازرة وسائر أحكام الإسلام ; وقيل : من بعد يوم بدر ، وقال الأصم : من بعد الفتح ، وفي قوله : معكم ، إشعار أنهم تبع لا صدر ، كما قال : ( فأولئك مع المؤمنين ) ، وكذلك : ( فأولئك منكم ) ، كما جاء مولى القوم منهم ، وابن أخت القوم منهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية