الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1952 باب في الصائم يأكل أو يشرب ناسيا

                                                                                                                              وقال النووي : ( باب: أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر ).

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 35 ج 8 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أبي هريرة (رضي الله عنه )، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب: فليتم صومه. فإنما أطعمه الله وسقاه". ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              قال النووي : فيه: دلالة لمذهب الأكثرين؛ أن الصائم إذا أكل أو شرب أو جامع ناسيا، لا يفطر.

                                                                                                                              وممن قال بهذا: الشافعي، وأبو حنيفة، وداود، وآخرون.

                                                                                                                              وقال ربيعة ومالك: يفسد صومه. وعليه القضاء دون الكفارة.

                                                                                                                              وقال عطاء والأوزاعي والليث: يجب القضاء في الجماع دون الأكل.

                                                                                                                              وقال أحمد: يجب في الجماع القضاء والكفارة، ولا شيء في الأكل. انتهى.

                                                                                                                              وأقول: من أدخل مأكولا أو مشروبا، من فمه إلى جوفه، بطل صومه إذا كان له في ذلك اختيار.

                                                                                                                              [ ص: 44 ] ولا فرق بين مفطر ومفطر، ولا بين ماء ومشروب معتاد. وهذا معلوم بالضرورة الدينية.

                                                                                                                              وأما إذا لم يكن له اختيار ؛ فلا يبطل صومه، لورود الدليل فيمن أكل أو شرب ناسيا. وهو حديث الباب الثابت في الصحيحين وغيرهما، من حديث أبي هريرة.

                                                                                                                              وفي لفظ الدارقطني من هذا الحديث، بإسناد صحيح: " فإنما هو رزق ساقه الله تعالى إليه، ولا قضاء عليه".

                                                                                                                              وفي لفظ لابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، من هذا الحديث: " من أفطر يوما من رمضان ناسيا، فلا قضاء عليه ولا كفارة".

                                                                                                                              قال ابن حجر: وهو صحيح.

                                                                                                                              وأخرج الدارقطني من حديث أبي سعيد مرفوعا: " من أكل في شهر رمضان ناسيا، فلا قضاء عليه ".

                                                                                                                              قال ابن حجر: وإسناده وإن كان ضعيفا، لكنه صالح للمتابعة.

                                                                                                                              فأقل درجات الحديث: أن يكون حسنا فيصلح للاحتجاج به. انتهى.

                                                                                                                              وقد ذهب إلى العمل بهذا الجمهور. وهو الحق.

                                                                                                                              قال في ( السيل الجرار ): ومن قابل هذه السنة بالرأي الفاسد، فرأيه رد عليه، مضروب في وجهه.

                                                                                                                              [ ص: 45 ] وكثيرا ما يتمسك المصنفون، بمقالات أصولية مبنية على الرأي، فيرجعون إلى الرأي من حيث لا يشعرون.

                                                                                                                              ولهذا ألفت كتابي في الأصول، الذي سميته: ( إرشاد الفحول، إلى تحقيق الحق من علم الأصول ). انتهى.

                                                                                                                              قلت: ولي تلخيصه المسمى: ( حصول المأمول من علم الأصول ).

                                                                                                                              فمن لم يكن عنده الإرشاد، يكفيه هذا الملخص.

                                                                                                                              وحاصل المسألة: أن من فعل شيئا من المفطرات: كالجماع ناسيا، فله حكم من شرب أو أكل ناسيا.

                                                                                                                              ولا فرق بين مفطر ومفطر. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية