الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1939 باب منه

                                                                                                                              وهو في النووي في: ( باب قضاء الصوم عن الميت ).

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 25 ج 8 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن بريدة رضي الله عنه، قال: بينا أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ أتته امرأة فقالت: إني تصدقت على أمي بجارية، وإنها ماتت. قال: فقال: "وجب أجرك، وردها عليك الميراث". قالت: يا رسول الله! إنه كان عليها صوم شهر، أفأصوم عنها؟ قال "صومي عنها". قالت: إنها لم تحج قط. أفأحج عنها؟ قال: "حجي عنها". ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              ( عن بريدة " رضي الله عنه " ؛ قال: بينا أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتته امرأة ).

                                                                                                                              وفي حديث ابن عباس: أن السائل رجل.

                                                                                                                              (فقالت: إني تصدقت على أمي بجارية. وإنها ماتت. قال: فقال: " وجب أجرك، وردها عليك الميراث ". قالت: يا رسول الله ! إنه كان عليها صوم شهر ).

                                                                                                                              [ ص: 98 ] وفي رواية أخرى: ( صوم شهرين ).

                                                                                                                              ( أفأصوم عنها ؟ قال: "صومي عنها " ).

                                                                                                                              قال العلامة الشوكاني في ( السيل الجرار ): ظاهر الأدلة الصحيحة: أن الولي مأمور بالصوم عن الميت، إذا مات وعليه صوم، كما في حديث عائشة في الصحيحين وغيرهما، وفي حديث ابن عباس في الصحيحين، ونحوه عن بريدة مرفوعا.

                                                                                                                              وقد ذهب الجمهور: إلى أنه لا يجب الصوم على الولي.

                                                                                                                              وبعضهم قال: لا يصح.

                                                                                                                              والسنة ترد عليهم.

                                                                                                                              أما إذا وصى الميت: بأن يكفر عنه من ماله، فربما يقال: إنه قد اختار ذلك لنفسه. وارتفع الوجوب عن الولي.

                                                                                                                              ويحمل على هذا: حديث ابن عمر، عند الترمذي وابن ماجه: (من مات وعليه صيام شهر، فليطعم عنه مكان كل يوم: مسكينا ).

                                                                                                                              على ضعف من إسناد هذا الحديث ؛ [ ص: 99 ] فإن فيه: ( عمر بن موسى بن دحية )، وهو ضعيف جدا. والراوي عنه: ( إبراهيم بن نافع )، وهو أيضا ضعيف.

                                                                                                                              قال الترمذي: الصحيح: أنه عن ( ابن عمر ). وكذا قال الدارقطني، و البيهقي . انتهى.

                                                                                                                              وتقدم عن النووي: أن حديث الإطعام ليس بثابت.

                                                                                                                              ولو ثبت: أمكن الجمع بينه وبين هذه الأحاديث. فراجع.

                                                                                                                              وفي الحديث: جواز سماع كلام المرأة الأجنبية، في الاستفتاء ونحوه، من مواضع الحاجة.

                                                                                                                              وفيه: أن من تصدق بشيء ثم ورثه، لم يكره له أخذه، والتصرف فيه.

                                                                                                                              بخلاف ما إذا أراد شراءه، فإنه يكره، لحديث: ( فرس عمر رضي الله عنه ).

                                                                                                                              (قالت: إنها لم تحج قط. أفأحج عنها ؟ قال: " حجي عنها ". ).

                                                                                                                              قال النووي : فيه: دلالة ظاهرة لمذهب الشافعي والجمهور ؛ أن النيابة في الحج جائزة عن الميت والعاجز المأيوس من برئه. انتهى.

                                                                                                                              قلت: لكن تختص هذه النيابة بالقريب من الميت، كما يأتي بيان ذلك في موضعه.

                                                                                                                              وليست تلك إلى أجنبي. فليعلم.

                                                                                                                              [ ص: 100 ] ثم قال: واعتذر عياض عن مخالفة مذهبهم لهذه الأحاديث في الصوم عن الميت، والحج عنه، بأنه مضطرب.

                                                                                                                              قال: وهذا عذر باطل ؛ وليس في الحديث اضطراب، إنما فيه اختلاف جمعنا بينه كما سبق.

                                                                                                                              ويكفي في صحته: احتجاج مسلم به في صحيحه. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية