الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله عز وجل:

قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين وأمرت لأن أكون أول المسلمين قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم قل الله أعبد مخلصا له ديني فاعبدوا ما شئتم من دونه قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين

أمر الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام في هذه الآية بأن يصدع للكفار فيما أمر به من عبادة ربه تعالى. وقوله: وأمرت لأن أكون ، أي: وأمرت بهذا الذي ذكرت لكي أكون أول من أسلم من أهل عصري وزمني، فهذه نعمة من الله تعالى عليه، وتنبيه منه له. وقوله: إني أخاف إن عصيت فعل معلق بشرط وهو العصيان، وقد علم أنه عليه الصلاة والسلام معصوم منه، ولكنه خطاب لأمته، يعمهم حكمه ويخيفهم وعيده.

وقوله: قل الله أعبد تأكيد للمعنى الأول، وإعلام بامتثاله كله للأمر، وهذا كله نزل قبل القتال; لأنها موادعات، وقوله: فاعبدوا ما شئتم من دونه صيغة أمر على جهة التهديد، كقوله تعالى: اعملوا ما شئتم ، وقوله تعالى: تمتع بكفرك ، وهذا كثير. الذين خسروا أنفسهم في موضع رفع خبر لـ"إن"، قوله "وأهليهم" قيل: معناه أنهم خسروا الأهل الذي كان يكون لهم لو كانوا من أهل الجنة، فهذا كما لو قال: خسروا أنفسهم ونعيمهم، أي الذي كان يكون لهم. وقيل: أراد الأنفس والأهلين الذين كانوا في الدنيا; لأنهم صاروا في عذاب النار، ليس [ ص: 383 ] لهم نفوس مستقرة، ولا بدل من أهل الدنيا، ومن في الجنة قد صار له إما أهله وإما غيرهم، على الاختلاف فيما يؤثر في ذلك، فهو على كل حال لا خسران معه البتة.

التالي السابق


الخدمات العلمية