الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        صفحة جزء
                        المسلك التاسع

                        الدوران

                        وهو : أن يوجد الحكم عند وجود الوصف ، ويرتفع بارتفاعه في صورة واحدة ، [ ص: 640 ] كالتحريم مع السكر في العصير ، فإنه لما لم يكن مسكرا لم يكن حراما ، فلما حدث السكر فيه وجدت الحرمة ، ثم لما زال السكر بصيرورته خلا زال التحريم ، فدل على أن العلة السكر .

                        وقد اختلف أهل الأصول في إفادته للعلية :

                        فذهب بعض المعتزلة إلى أنه يفيد القطع بالعلية .

                        وذهب الجمهور إلى أنه يفيد ظن العلية ، بشرط عدم المزاحم; لأن العلة الشرعية لا توجب الحكم بذاتها ، وإنما هي علامة منصوبة ، فإذ دار الوصف مع الحكم; غلب على الظن ( كونه معرفا ) .

                        قال الصفي الهندي : هو المختار ، قال إمام الحرمين : ذهب كل من يعزي إلى الجدل إلى أنه أقوى ما تثبت به العلل ، وذكر القاضي أبو الطيب الطبري أن هذا المسلك من أقوى المسالك .

                        وذهب بعض أهل الأصول إلى أنه لا يفيد بمجرده ، لا قطعا ولا ظنا ، واختاره الأستاذ أبو منصور ، وابن السمعاني والغزالي ، والشيخ أبو إسحاق الشيرازي والآمدي وابن الحاجب .

                        واحتجوا بأنه قد وجد مع عدم العلية ، فلا يكون دليلا عليها ، ألا ترى أن المعلول دار مع العلة وجودا وعدما ، مع أن المعلول ليس بعلة لعلته قطعا ، والجوهر والعرض متلازمان ، مع أن أحدهما ليس بعلة في الآخر اتفاقا ، والمتضايفات كالأبوة والبنوة متلازمان وجودا وعدما ، مع أن أحدهما ليس بعلة في الآخر; لوجوب تقدم العلة على المعلول ، ووجوب تصاحب المتضايفين ، وإلا لما كانا متضايفين .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية