الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن استأجرت بيتا شهرا بعشرة دراهم على أني إن سكنت يوما من الشهر فكراء الشهر لازم لي ؟ قال : إن كنت شرطت أن الكراء لك لازم فلك أن تكري البيت بقية الشهر إذا خرجت أو تسكنه فهذا جائز ; لأن هذا لازم لكما ، وإن لم تشترطاه ، وإن شرط عليك أنك إن سكنت يوما ثم خرجت فليس لك أن تكري البيت ، والكراء لك لازم فلا خير في هذه الإجارة .

                                                                                                                                                                                      قلت : وهذا قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن قلت : أتكارى منك هذه الدار كل شهر بدرهم أيكون لك أن تأخذ مني كلما سكنت يوما بحساب ما يصيب هذا اليوم من الكراء في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم إلا أن يكونا شرطا في الكراء شيئا فيحملان على شرطهما .

                                                                                                                                                                                      قلت : ما قول مالك في الرجل يؤاجر داره رأس الهلال لكل شهر دينار فكان الشهر تسعا وعشرين يوما . قال : قول مالك : إن الإجارة تتم له إذا هل الهلال إن كان الشهر تسعا وعشرين أو ثلاثين فالإجارة تتم له باستهلال الهلال .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن اكترى الرجل حانوتا كل سنة بدرهم أو كل شهر بدرهم أو في كل [ ص: 519 ] شهر بدرهم أو في كل سنة بدرهم ؟ قال : قال مالك : يخرج المتكاري متى شاء ويخرجه رب الدار متى شاء ؟

                                                                                                                                                                                      قال مالك : إلا أن يتكارى شهرا بعينه يقول : أتكارى منك هذا الشهر بعينه أو يتكارى سنة بعينها يقول : أتكارى منك هذه السنة فهذا يلزمهما .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إذا قال : أتكارى منك حانوتك كل شهر بدرهم فيسكن يوما لم لا يلزمه كراء هذا الشهر ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قول مالك في كل شهر ، وكل شهر إنما يقع على غير شيء بعينه من الشهور والأيام والسنين ولا أمد له ينتهى إليه فهذا يدلك على أنه لم يقع الكراء على أيام بأعيانها ولا على شهور ، ولا على سنين بأعيانها ، فإذا لم يقع الكراء على شيء بعينه من الأيام والشهور والسنين كان للمتكاري أن يخرج متى ما أحب ويلزمه من الكراء قدر ما سكن ، وكذلك لرب الدار أن يخرجه متى ما أحب .

                                                                                                                                                                                      وإذا وقع الكراء على شهر بعينه فليس لواحد منهما أن يفسخ ذلك إلا أن يتراضيا جميعا بفسخه ; لأن هذا قد وقع على شهر معلوم ، فإذا وقع الكراء على شهر معلوم أو سنة معلومة فقد اشترى منه سكنى هذا الشهر أو هذه السنة بعينها فهذا فرق ما بينهما عند مالك .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون : قال ابن وهب : وأخبرني يونس أنه سأل ابن شهاب عن الرجل يستكري من الرجل داره عشر سنين ثم يموت الذي أكرى ويبقى المستكري ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إن توفي سيد المسكن فأراد أهله إخراج من استأجره منه أو بيعه فلا أرى أن يخرجوه إلا برضا منهم ، ولكن إن شاءوا باعوا مسكنهم ، ومن استأجره فيه على حقه وشرطه في إجارته .

                                                                                                                                                                                      قال ابن شهاب : وإن توفي المستأجر سكن ذلك المسكن أو لم يسكنه فإنا نرى أجر ذلك المسكن فيما ترك من المال تؤديه الورثة بحصصهم .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية