الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في جائحة الجراد والريح والجيش والنار وغير ذلك قلت : أرأيت الجراد أهو جائحة في قول مالك ؟ قال : قال : الجراد جائحة عند مالك . قلت : وكذلك النار في قول مالك ؟ قال : نعم . قلت : وكذلك البرد والمطر والطير الغائب - يأتي فيأكل الثمرة - والدود وعفن الثمرة في رءوس الشجر ، والسموم - يصيب الثمرة - والعطش - يصيب الثمرة من انقطاع مائها - أو سماء احتبست عن الثمرة حتى ماتت ، أترى هذا من الجوائح ؟ قال مالك في الماء : إذا انقطع عن الثمرة ماء العيون ، [ ص: 591 ] وضع عن المشتري ما ذهب من الثمرة من قبل الماء قليلا كان أو كثيرا ، وما بقي فهو للمشتري بما يصيبه من الثمر . لأن البائع حين باع الثمرة ، إنما باعها على الماء ، فكل ما أصيبت من قبل الماء فإنما سببه من قبل البائع فلا يشبه الماء ما سواه من الجوائح .

                                                                                                                                                                                      قلت : وماء السماء إذا انقطع عن الثمرة ، أهو عند مالك بمنزلة ماء العيون ؟ قال : لم أسمع من مالك في ماء المطر شيئا ، إلا أنه قال : ما كان من فساد الثمرة من قبل عطش الماء ، وضع عن المشتري قليلا كان أو كثيرا . فأرى ماء السماء وماء العيون سواء ، إذا كان إنما حياتها سقيها . قال : وأما ما سألت عنه من عفن الثمرة والنار والبرد والغرق وجميع ما سألت عنه ، فكذلك كله جائحة من الجوائح يوضع عن المشتري إن أصابت الثلث فصاعدا . قال : وهذا رأيي في جميع ما سألت عنه . قال : وقال مالك في الجيش : يمرون بالنخل فيأخذون ثمرته ، قال : قال مالك : هو جائحة من الجوائح . قال ابن القاسم : ولو أن سارقا سرقها أيضا كانت جائحة في رأيي . قال ابن نافع : ليست السرقة بجائحة .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية