الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6180 ) فصل : ولا يصح الظهار من أمته ، ولا أم ولده . روي ذلك عن ابن عمر ، وعبد الله بن عمرو ، وسعيد بن المسيب ، ومجاهد ، والشعبي ، وربيعة ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأبي حنيفة وأصحابه . وروي عن الحسن ، وعكرمة ، والنخعي ، وعمرو بن دينار ، وسليمان بن يسار ، والزهري ، وقتادة ، والحكم ، والثوري ، ومالك ، في الظهار من الأمة كفارة تامة ; لأنها مباحة له ، فصح الظهار منها كالزوجة . وعن الحسن ، والأوزاعي ، إن كان يطؤها فهو ظهار ، وإلا فلا ; لأنه إذا لم يطأها فهو كتحريم ماله . وقال عطاء : عليه نصف كفارة حرة ; لأن الأمة على النصف من الحرة في كثير من أحكامها ، وهذا من أحكامها ، فتكون على النصف .

                                                                                                                                            ولنا قول الله تعالى : { والذين يظاهرون من نسائهم } فخصهن به ; ولأنه لفظ يتعلق به تحريم الزوجة ، فلا تحرم به الأمة ، كالطلاق ، ولأن الظهار كان طلاقا في الجاهلية ، فنقل حكمه وبقي محله . قال أحمد : قال أبو قلابة ، وقتادة : إن الظهار كان طلاقا في الجاهلية . وروي عن أحمد ، أن على المظاهر من أمته كفارة ظهار . وقال أبو بكر : لا يتوجه هذا على مذهبه ; لأنه لو كانت عليه كفارة ظهار كان ظهارا ، ولكن عليه كفارة يمين ; لأنه تحريم لمباح من ماله ، فكانت فيه كفارة يمين ، كتحريم سائر ماله . قال نافع : { حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم جاريته ، فأمره الله أن يكفر يمينه . }

                                                                                                                                            ويحتمل أن لا يلزمه شيء ، بناء على قوله في المرأة إذا قالت لزوجها : أنت علي كظهر أبي . لا يلزمها شيء . وإن [ ص: 11 ] قال لأمته : أنت علي حرام . فعليه كفارة يمين ; لقول الله تعالى : { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك } . إلى قوله تعالى : { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } نزلت في تحريم النبي صلى الله عليه وسلم لجاريته في قول بعضهم . ويخرج على الرواية الأخرى أن تلزمه كفارة ظهار ; لأن التحريم ظهار . والأول هو الصحيح ، إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية