الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
812 - ثنا هدبة بن عبد الوهاب أبو صالح ثقة ، حدثنا النضر بن شميل ، ثنا أبو نعامة العدوي ، ثنا أبو هنيدة البراء بن نوفل ، عن والان العدوي ، عن حذيفة ، عن أبي بكر الصديق ، قال : أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ذات يوم ، فصلى الغداة ، ثم جلس مكانه حتى إذا كان من الضحى ، ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم جلس مكانه حتى صلى الأولى والعصر والمغرب ، كل ذلك لا يتكلم حتى صلى العشاء الآخرة ، ثم قام إلى أهله ، فقال الناس لأبي بكر : سل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما شأنه ، صنع اليوم شيئا لم يصنعه قط ؟ قال : نعم . فسأله فقال : " عرض علي ما هو كائن إلى يوم القيامة من أمر الدنيا والآخرة . يجمع الأولون والآخرون في صعيد واحد ، يفظع الناس بذلك ، حتى انطلقوا إلى آدم والعرق يكاد أن يلجمهم ، فقالوا : يا آدم أنت أبو البشر ، وأنت اصطفاك الله ، اشفع لنا إلى ربك ، فقال : قد لقيت مثل ما لقيتم ، فانطلقوا إلى أبيكم بعد أبيكم : نوح ، إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ، فينطلقون إلى نوح فيقولون : يا نوح ، اشفع لنا إلى ربك ، فأنت اصطفاك الله واستجاب لك في دعائك ، ولم يدع على الأرض من الكافرين ديارا ، فيقول : ليس ذاكم عندي ، انطلقوا إلى موسى ، فإن الله تعالى كلمه تكليما . فيقول موسى : ليس ذاكم عندي ، فانطلقوا إلى عيسى ابن مريم ، فإنه يبرئ الأكمه والأبرص ، ويحيي الموتى . فيقول عيسى : ليس ذاكم عندي ، ولكن [ ص: 382 ] انطلقوا إلى سيد ولد آدم ، فإنه أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ، فانطلقوا إلى محمد فليشفع لكم إلى ربكم " . قال : " فأنطلق ، فيأتي جبريل عليه السلام ربه تبارك وتعالى فيقول : ائذن له ، وبشره بالجنة ، فأنطلق فأخر ساجدا قدر جمعة ، ثم يقول الله عز وجل : ارفع رأسك ، وقل تسمع ، واشفع تشفع " . قال : " فأذهب لأقع ساجدا " . قال : " فأخذ جبريل بضبعيه " . قال : " فيفتح الله عليه من الدعاء شيئا لم يفتحه على بشر ، فأقول : أي رب جعلتني سيد ولد آدم ولا فخر ، وأول من تنشق عنه الأرض ولا فخر ، حتى إنه ليرد علي الحوض أكثر من ما بين صنعاء وأيلة . ثم يقال : ادعوا الصديقين فيشفعون ، ثم يقال : ادعوا الأنبياء ، فيجيء النبي معه العصابة ، والنبي معه الخمسة والستة ، والنبي ليس معه أحد ، حتى يقال : ادعوا الشهداء ، فيشفعون لمن أرادوا . فإذا فعلت الشهداء ذلك ، يقول الله تبارك وتعالى : أنا أرحم الراحمين ، أدخلوا جنتي من كان لا يشرك بي شيئا " . قال : " فيدخلون الجنة " .

[ ص: 383 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية