الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
209 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني ، ثنا علي بن محمد بن عيسى ، ثنا أبو اليمان ، أخبرني شعيب ، عن الزهري، أخبرني سالم بن عبد الله ، أن عبد الله بن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما الناس كالإبل المائة ، لا تكاد تجد فيها [ ص: 119 ] راحلة " . رواه البخاري عن أبي اليمان .

قال الأزهري حكاية عن القتيبي : إن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بهذا أن الناس متساوون في النسب ليس لأحد منهم فضل ولكنهم أشباه كإبل مائة ، ليس فيها راحلة ، قال الأزهري : والذي عندي فيه أن الله تعالى ذم الدنيا وحذر العباد سوء مغبتها وصنع لهم فيها الأمثال ليعتبروا كقوله ( إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه ) وما أشبهها من الآي ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحذرهم ما حذرهم الله ويزهدهم فيها فقال : " تجدون الناس بعدي كإبل مائة ليس فيها راحلة " . أراد أن الكامل في الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة قليل . وذكر أبو سليمان الخطابي المعنيين فقال : هذا يتأول على وجهين :

أحدهما أن الناس في أحكام الدين سواء ، لا فضل فيها لشريف على مشروف ولا رفيع منهم على وضيع كالإبل المائة لا يكون فيها راحلة وهي الذلول التي ترحل وتركب .

والوجه الآخر أن أكثر الناس أهل نقص وجهل يقول : ولا تستكثر من صحبتهم ولا تؤاخ منهم إلا أهل الفضل وعددهم قليل بمنزلة الراحلة في الإبل الحمولة . ودليل ذلك قول الله عز وجل : ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) وقوله : ( ولكن أكثرهم يجهلون ) وترجمة المتقدمين لهذا الحديث بباب ذم الناس وعزلهم ، يدل على . [ ص: 120 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية