الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
970 - أخبرنا الشيخ أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي، أنبأ أبو العباس محمد بن الحسن الخشاب، حدثني أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير، ثنا أبو بكر محمد بن عبد الله المحرم، ثنا أبو بكر محمد بن محمد المؤذن، ثنا الحسن بن علي بن محمد القزاز قال : سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول : سمعت أبا سليمان الداراني يقول : حدثني شيخ بساحل دمشق يقال له : علقمة بن يزيد بن سويد - قال أبو سليمان - وكان من المريدين، قال : حدثني سويد بن الحارث قال : وفدت على النبي صلى الله عليه وسلم سابع سبعة من رفقائي، فلما دخلنا عليه وكلمناه أعجبه من سمتنا وزينا، فقال : "ما أنتم ؟ " قلنا : مؤمنون، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : "لكل قول حقيقة، فما حقيقة قولكم وإيمانكم ؟ " قال سويد : قلنا خمس عشرة خصلة، خمس منها أمرتنا رسلك أن نؤمن بها، وخمس أمرتنا رسلك أن نعمل بها، وخمس منها تخلقنا بها في الجاهلية ونحن على ذلك إلا أن تكره منها شيئا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما الخمس الخصال التي أمرتكم رسلي أن تؤمنوا بها ؟ " قلنا : أمرتنا رسلك أن نؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت قال : "فما الخمس التي أمركم رسلي أن تعملوا بهن ؟ " قلنا : أمرتنا رسلك أن نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأن نقيم الصلاة، ونؤتي الزكاة، ونصوم رمضان، ونحج البيت، فنحن على ذلك، قال : "وما الخمس الخصال التي تخلقتم بها في الجاهلية ؟ " قلنا : الشكر عند الرخاء، والصبر عند البلاء، والصدق عند اللقاء، ومناجزة الأعداء - [ ص: 354 ] وفي رواية غيره : وترك الشماتة بالمصيبة إذا حلت بالأعداء - والرضا بالقضاء، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : "أدباء فقهاء عقلاء حلماء كادوا أن يكونوا أنبياء، من خصال ما أشرفها وأزينها وأعظم ثوابها"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أوصيكم بخمس خصال لتكمل عشرون خصلة" قلنا : أوصنا يا رسول الله . قال : "إن كنتم كما تقولون فلا تجمعوا ما لا تأكلون، ولا تبنوا ما لا تسكنون، ولا تنافسوا في شيء غدا عنه تزولون، وارغبوا فيما عليه تقدمون وفيه تخلدون، واتقوا الله الذي إليه ترجعون وعليه تعرضون" . - قال أبو سليمان - قال : فانصرف القوم من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حفظوا وصيته وعملوا بها، ولا والله يا أبا سليمان ما بقي من أولئك النفر ولا من أبنائهم غيري، ثم قال : "اللهم اقبضني إليك غير مبدل ولا مغير"، قال أبو سليمان : فمات والله بعد أيام قلائل .

971 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، ثنا محمد بن علي بن الحسين بن الحسن بن القاسم بن محمد بن القاسم بن الحسين بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب العلوي الصوفي قال : سمعت القاسم بن محمد يقول : سمعت أحمد بن خلف يقول : سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول [ ص: 355 ] : سمعت أبا سليمان الداراني، بنحو معناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية