الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الأنوار في شمائل النبي المختار

البغوي - الحسين بن مسعود البغوي

صفحة جزء
3 - باب بدء وحيه صلى الله تعالى عليه وسلم وصفته في تلك الحالة

17 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنبا أحمد بن عبد الله النعيمي أنبا محمد بن يوسف أنبا محمد بن إسماعيل أنبا يحيى بن بكير أنبا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها ، أنها قالت : أول ما بدي به رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم ، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الخلاء ، فكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه . وهو التعبد الليالي ذوات العدد . قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك ثم يرجع إلى [ ص: 16 ] خديجة فيتزود لمثلها ، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فقال : اقرأ ، قلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال : اقرأ ، فقلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد فقال : اقرأ ، فقلت ، ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني الثالثة ، ثم أرسلني فقال : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم ) . فرجع بها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يرجف فؤاده ، فدخل على خديجة بنت خويلد فقال زملوني زملوني ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع . فقال لخديجة وأخبرها الخبر : لقد خشيت على نفسي ، فقالت خديجة : كلا والله ما يخزيك الله أبدا ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق . فانطلقت به خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة ، وكان امرءا تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العربي ، فيكتب من الإنجيل بالعربية [ ص: 17 ] ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخا كبيرا قد عمي . فقالت له خديجة : يا بن عم اسمع من ابن أخيك . فقال له ورقة : يا بن أخي ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم خبر ما رأى . فقال له ورقة : هذا الناموس الذي نزل الله على موسى يا ليتني فيها جذعا ، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك . فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : أومخرجي هم ؟ قال : نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا . ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي .

التالي السابق


الخدمات العلمية