الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                              صفحة جزء
                                                                              1829 حدثنا علي بن محمد حدثنا وكيع عن داود بن قيس الفراء عن عياض بن عبد الله بن أبي سرح عن أبي سعيد الخدري قال كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام صاعا من تمر صاعا من شعير صاعا من أقط صاعا من زبيب فلم نزل كذلك حتى قدم علينا معاوية المدينة فكان فيما كلم به الناس أن قال لا أرى مدين من سمراء الشام إلا تعدل صاعا من هذا فأخذ الناس بذلك قال أبو سعيد لا أزال أخرجه كما كنت أخرجه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدا ما عشت

                                                                              التالي السابق


                                                                              قوله ( صاعا من طعام صاعا من تمر إلخ ) يحتمل أن صاعا من طعام أريد به صاع من الحنطة فإن الطعام وإن كان يعم الحنطة وغيرها لغة لكن اشتهر في العرف إطلاقه على الحنطة ويؤيده المقابلة بما بعده ويحتمل أن يكون صاعا من طعام مجملا ويكون ما بعده بيانا له كأنه بين أن الطعام الذي كانوا يعطون منه الصاع كان تمرا وشعيرا وأقطا لا حنطة ويؤيده ما روى البخاري عن أبي سعيد كنا نخرج في عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم الفطر صاعا من طعام وكان طعامنا يومئذ الشعير والزبيب والأقط والتمر وكذا ما رواه ابن خزيمة في مختصر المسند الصحيح عن ابن عمر قال لم تكن الصدقة على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا التمر والزبيب والشعير ولم تكن الحنطة فينبغي أن يتعين الحمل على هذا المعنى بل يستبعد أن يكون المعلوم عندهم المعلوم فيما بينهم صاعا من الحنطة فيتركونه إلى نصفه بكلام معاوية بل لا يبقى لقول معاوية إن النصف يعدل الصاع حينئذ وجه إلا بتكلف وبالجملة فمعنى هذا الحديث أنه ما كان عندهم نص منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في البر بصاع أو نصفه وإلا فلو كان عندهم حديث بالصاع لما خالفوه أو بنصفه لما احتاجوا إلى القياس بل حكموا بذلك ويدل على هذا حديث ابن عمر في هذا الباب المروي في الصحاح قوله ( من أقط ) بفتح فكسر اللبن المتحجر (من سمراء الشام ) [ ص: 562 ] أي من حنطة الشام (إلا تعدل صاعا ) أي تساويه في المنفعة أو القيمة وهي مدار الإجزاء أو المراد تساويه في الإجزاء




                                                                              الخدمات العلمية