الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 324 ] ثم قال أجاب المتكلمون بوجوه: الأول: أنه إنما أحدث العالم في ذلك الوقت لأن الإرادة لذاتها اقتضت التعلق بإيجاده في ذلك الوقت.

قلت: هذا جواب جمهور الصفاتية الكلامية كابن كلاب والأشعري وأصحابهما، وبه يجيب القاضي أبو بكر، وأبو المعالي، والتميميون من أصحاب أحمد، والقاضي أبو يعلى، وابن عقيل، وابن الزاغوني وأمثالهم، وبه أجاب الغزالي في «تهافت الفلاسفة»، وزيفه عليه ابن رشد الحفيد، وبه أجاب الأمدي، وبه أجاب الرازي في بعض المواضع.

قال: الجواب الثاني للمتكلمين: أنها اقتضت التعلق به في ذلك الوقت لتعلق العلم به.

قلت: هذا الجواب ذكره طائفة من الأشعرية، ومن الناس من يجعل المرجح مجموع العلم والإرادة والقدرة، كما ذكره الشهرستاني، ويمكن أن يجعل هذا جوابا آخر.

قال: الجواب الثالث: لعل هناك حكمة خفية لأجلها أحدث في ذلك الوقت. [ ص: 325 ]

قلت: هذا الجواب يجيب به من قد يعلل الأفعال، كما هو مذهب المعتزلة والكرامية وغيرهم، وقد يوافق المعتزلة ابن عقيل ونحوه، كما قد يوافق الكرامية في تعليلهم القاضي أبو حازم ابن القاضي أبي يعلى وغيره.

قال: الجواب الرابع: أن الأزلية مانعة من الإحداث لما سبق.

الجواب الخامس: أنه لم يكن ممكنا قبله، ثم صار ممكنا فيه.

قلت: هذان الجوابان أو أحدهما ذكرهما غير واحد من أهل الكلام المعتزلة والأشعرية وغيرهم، كالشهرستاني وغيره، وهذا جواب الرازي في بعض المواضع.

التالي السابق


الخدمات العلمية