الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وعماد القسم الليل ؛ لأنه سكن فقال : أزواجا لتسكنوا إليها " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال ، على الزوج في زمان القسم أن يأوي إليها ليلا ، وينصرف لنفسه نهارا ؛ لأن الليل زمان الدعة والإيواء ، والنهار زمان المعاش والتصرف ، قال الله تعالى : وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا [ النبأ : 10 ، 11 ] . وفي اللباس تأويلان :

                                                                                                                                            أحدهما : الإيواء في المساكن ، وإلى سكنه ، فصار كاللابس لمسكنه ولزوجته .

                                                                                                                                            والثاني : أنه يتغطى بظلمة الليل كما يتغطى باللباس .

                                                                                                                                            وقال تعالى : ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها [ الروم : 21 ] . والسكن يكون في الليل ، ولأن الليل زمان الدعة والإيواء ، فوجب أن يكون عمدة القسم ، ولأن السيد لو زوج أمته لزمه تمكين الزوج منها ليلا ، وكان له استخدامها نهارا فعلم أن الليل عماد القسم ، فلا يجوز له في الليل أن يخرج فيه من عند [ ص: 574 ] التي قسم لها إلا من ضرورة ، فأما النهار فله أن يتصرف فيه بما شاء ، ويدخل فيه إلى غيرها من نسائه من غير أن يتعرض فيه لوطئها .

                                                                                                                                            روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت : قل يوم إلا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على نسائه ، فيدنو من كل امرأة منهن ، فيقبل ويلمس من غير مسيس ولا مباشرة ، ثم يبيت عند التي هو يومها .

                                                                                                                                            فإن كان في الناس من ينصرف في معاشه ليلا ، ويأوي إلى مسكنه نهارا كالحراس ، وصناع البزر ، ومن جرى مجراهم ، فعماد هؤلاء في قسمهم النهار دون الليل ؛ لأنه زمان سكنهم ، والليل زمان معاشهم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية