الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        [ ص: 699 ] 3080 - وقال أبو يعلى : حدثنا الحسن بن عمر بن شقيق ، ثنا جعفر بن سليمان ، عن أبي عمران الجوني ، ثنا جندب قال : أتيت المدينة ابتغاء العلم ، وإذا الناس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حلق حلق يتحدثون قال : فجعلت أمضي إلى الحلق حتى أتيت حلقة ، فيها رجل شاحب عليه ثوبان كأنما قدم من سفر ، فسمعته يقول : هلك أصحاب العقد ورب الكعبة ، لا آسى عليهم قالها ثلاث مرات ، قال : فجلست إليه ، فتحدث بما قضي له ثم قام ، فلما قام سألت عنه من هذا ؟ قالوا : أبي بن كعب رضي الله عنه سيد المسلمين ، فتبعته حتى أتى منزله فإذا هو رث الهيئة ، ورث الكسوة ، يشبه بعضه بعضا ، فسلمت عليه ، فرد علي السلام ، ثم سألني : ممن أنت ؟ قلت : من أهل العراق ، قال رضي الله عنه : أكثر شيء سؤالا ، فلما قال ذلك غضبت فجثوت على ركبتي ، واستقبلت القبلة ، ورفعت يدي ، فقلت : اللهم إنا نشكوهم إليك إنا ننفق نفقاتنا ، وننصب أبداننا ، ونرحل مطايانا ابتغاء العلم فإذا لقيناهم تجهمونا وقالوا لنا ، فبكى أبي رضي الله عنه وجعل يترضاني ، وقال : ويحك اذهب هناك ، ثم قال : اللهم إني أعاهدك لأن أبقيتني إلى يوم الجمعة لأتكلمن بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أخاف فيك لومة لائم ، ثم أراه قام ، فلما قال ذلك انصرفت عنه ، وجعلت أنتظر الجمعة لأسمع كلامه قال : فلما كان يوم الخميس ، خرجت لبعض حاجاتي ، فإذا السكك غاصة من الناس ، لا آخذ [ ص: 700 ] في سكة إلا يلقاني الناس ، قلت : ما شأن الناس ؟ قالوا : نحسبك غريبا ؟ قلت : أجل ، قالوا : مات سيد المسلمين أبي بن كعب رضي الله عنه قال : فلقيت أبا موسى رضي الله عنه بالعراق فحدثته بالحديث ، فقال : وا لهفاه ألا كان حتى يبلغنا مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                        [ ص: 701 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية