الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2200 6 - حدثنا الحكم بن نافع قال : أخبرنا شعيب قال : حدثنا أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قالت الأنصار للنبي - صلى الله عليه وسلم - : اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل ، قال : لا ، فقالوا : تكفوننا المؤنة ونشرككم في الثمرة ، قالوا : سمعنا وأطعنا .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " تكفوننا المؤنة ونشرككم في الثمرة " .

                                                                                                                                                                                  ورجاله قد ذكروا غير مرة ، والحكم بفتحتين هو أبو اليمان الحمصي ، وشعيب بن أبي حمزة الحمصي ، وأبو الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان ، والأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز ، والحديث أخرجه البخاري أيضا في الشروط ، وأخرجه النسائي مثله فيه . قوله : " قالت الأنصار " ، يعني : حين قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة قالوا : يا رسول الله ، اقسم بيننا وبين إخواننا ، يعني : المهاجرين النخيل وإنما قالوا ذلك ; لأن الأنصار لما بايعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة العقبة شرط عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - مواساة من هاجر إليهم ، فلما قدم المهاجرون قالت الأنصار : اقسم يا رسول الله بيننا وبينهم ، ويعمل كل واحد سهمه ، فلم يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك ، وهو معنى قوله " قال لا " ، أي : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا أفعل ذلك ، يعني : القسمة ; لأنه كره أن يخرج شيء من عقار الأنصار عنهم . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضا : إن المهاجرين لا علم لهم بعمل النخل ، فقالت الأنصار حينئذ : تكفوننا المؤنة ، وقد فسرناها ونشرككم في الثمرة ، وهو معنى قوله " فقالوا : " ، أي : الأنصار للمهاجرين : تكفوننا المؤنة ونشرككم في الثمرة ، قالوا : أي المهاجرون والأنصار كلهم قالوا : سمعنا وأطعنا ، يعني : امتثلنا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فيما أشار إليه ، وهذه صورة المساقاة ، ثم ظاهر الحديث يقتضي عملهم على النصف مما يخرج الثمرة ; لأن الشركة إذا أبهمت ، ولم يكن فيها حد معلوم كانت نصفين . وقال المهلب : فيه حجة على جواز المساقاة ، ورد عليه ابن التين بأن المهاجرين كانوا ملكوا من الأنصار نصيبا من الأرض والمال باشتراط النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 162 ] على الأنصار مواساة المهاجرين ليلة العقبة ، قال : فليس ذلك من المساقاة في شيء ورد عليه بأنه لا يلزم من اشتراط المواساة ثبوت الاشتراك في الأرض ، إذ لو ثبت ذلك بمجرد ذكر المواساة لم يبق لسؤالهم لذلك ورده - صلى الله تعالى عليه وسلم - معنى .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية