الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[ ص: 292 ] عبد الله بن رباح

9500 - حدثنا إبراهيم بن نصر ، نا موسى بن إسماعيل ، نا سليمان - يعني ابن المغيرة - عن ثابت ، عن عبد الله بن رباح قال : وفد وفد إلى معاوية رحمه الله وأنا فيهم ، وأبو هريرة ، وذلك في رمضان ، فكان بعضنا يصنع لبعض الطعام ، فكان أبو هريرة ممن يكثر فيدعو إلى رحله ، فقلت : ألا أصنع طعاما ثم أدعوهم إلى رحلي ، قال : ثم لقيت أبا هريرة من العشاء ، قال : قلت : الدعوة عندي الليلة ، قال : سبقتني ؟ قلت : نعم ، فدعوتهم فهم عندي ، فقال أبو هريرة : ألا أعلمكم بحديث من حديثكم يا معشر الأنصار ؟ قال : أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا دخل مكة ، قال : فبعث الزبير على إحدى المجنبتين ، وبعث خالد بن الوليد على المجنبة الأخرى ، وبعث أبا عبيدة على الحسر ، والحسر الذين ليست عليهم أداة وقد وبشت قريش أوباشها وأتباعها . قالوا : نقدم هؤلاء ، فإن كان لهم ساكنا معهم ، وإن أصيبوا أعطينا فأخذوا بطن الوادي ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبة ، فنظر فرآني ، فقال : يا أبا هريرة قلت : لبيك رسول الله قال : أترى إلى أوباش قريش وأتباعها ، ثم قال : اهتف بالأنصار ولا يأتيني إلا أنصاري . فهتف بهم فجاؤوا حتى أطافوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أترون إلى أوباش قريش وأتباعهم ، ثم قال بيده على الأخرى : احصدوهم حصدا حتى توافوني بالصفا . قال أبو هريرة : فانطلقنا ، فما يشاء أحد منا أن يقتل منهم من شاء إلا فعل ، وجاء أبو سفيان فقال : يا رسول الله أبيحت أو أبحت خضراء قريش ، لا قريش بعد اليوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أغلق بابه فهو آمن ، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، قال : فغلق الناس أبوابهم ، وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى [ ص: 293 ] انتهى إلى الحجر فاستلمه ، ثم طاف بالبيت وفي يده قوس قد أخذ بسية القوس ، فأتى على صنم إلى جنب البيت ، فجعل يطعن بها في عينه ويقول : جاء الحق وزهق الباطل ، ثم انطلق حتى أتى الصفا حيث ينظر إلى البيت ، فرفع يديه وجعل يحمد الله ويدعو ، والأنصار تحته يقول بعضهم لبعض : أما الرجل فأدركته رغبة في قومه ورأفة لعشيرته ، قال : وقال أبو هريرة : وجاء الوحي وكان إذا جاء لم يخف عليهم ، فليس أحد يرفع طرفه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقضي الوحي ، فلما قضى الوحي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر الأنصار ، أقلتم : أما الرجل فأدركته رغبة في قرابته ورأفة بعشيرته " ، قالوا : قد قلنا ذاك ، قال : كلا ، إني عبد الله ورسوله ، هاجرت إلى الله وإليكم ، المحيا محياكم ، والممات مماتكم " ، فأقبلوا إليه يبكون ويقولون : والله ما قلنا الذي قلنا إلا ضنا بالله ورسوله ، قال : فإن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية