الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            837 - أنا أبو الحسن علي بن عبد الملك بن شبابة الدينوري ، أنا أبو العباس أحمد بن محمد بن إسحاق الرازي الحافظ ، نا أحمد بن محمد بن مهدي ، - نزيل قزوين - بالري ، أنا الحسين بن عمرو المروزي ببغداد ، قال : نا مقاتل بن صالح الخراساني - صاحب الحميدي - بمكة ، قال : " دخلت على حماد بن سلمة ، فإذا ليس في البيت إلا حصير - وهو جالس عليه - ومصحف يقرأ فيه ، وجراب فيه علمه ، ومطهرة يتوضأ فيها ، فبينا أنا عنده جالس ، إذ دق عليه داق الباب ، فقال : يا صبية ، اخرجي فانظري من هذا ؟ قالت : هذا رسول محمد بن سليمان ، قال : قولي له يدخل وحده ، فدخل ، فسلم ، وناوله كتابه . فقال : اقرأه ، فإذا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد بن سليمان إلى حماد بن سلمة ، أما بعد : [ ص: 363 ] فصبحك الله بما صبح به أولياءه وأهل طاعته ، وقعت مسألة ، فأتنا نسألك عنها ، قال : يا صبية هلمي الدواة ، ثم قال لي : اقلب الكتاب واكتب : أما بعد : وأنت فصبحك الله بما صبح به أولياءه وأهل طاعته . إنا أدركنا العلماء وهم لا يأتون أحدا ، فإن وقعت مسألة فأتنا فسلنا عما بدا لك ، وإن أتيتني فلا تأتني إلا وحدك ، ولا تأتني بخيلك ورجلك ، فلا أنصحك ولا أنصح نفسي والسلام . فبينا أنا عنده جالس إذ دق داق الباب ، فقال : يا صبية اخرجي فانظري من هذا ؟ قالت : هذا محمد بن سليمان ، قال : قولي له يدخل وحده ، فدخل فسلم ثم جلس بين يديه ، ثم ابتدأ فقال : ما لي إذا نظرت إليك امتلأت رعبا ؟ فقال حماد : سمعت ثابتا البناني يقول : سمعت أنس بن مالك يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن العالم إذا أراد بعلمه وجه الله هابه كل شيء ، وإذا أراد أن يكنز به الكنوز هاب من كل شيء . فقال : ما تقول يرحمك الله في رجل له ابنان وهو عن أحدهما أرضى ، فأراد أن يجعل له في حياته ثلثي ماله ، قال : لا تفعل - رحمك الله - فإني سمعت ثابتا البناني يقول : سمعت أنس بن مالك يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله إذا أراد أن يعذب عبده بماله وفقه عند موته لوصية جائرة . قال : فحاجة إليك ، قال : هات ، ما لم تكن رزية في دين ، قال : أربعين ألف درهم تأخذها تستعين بها على ما أنت عليه . قال : ارددها على من ظلمته بها . قال : والله ما أعطيك إلا ما ورثته . قال : لا حاجة لي فيها ، ازوها عني زوى الله عنك أوزارك . قال : فغير هذا ، قال : هات ، ما لم يكن رزية في دين ، قال : تأخذها فتقسمها ، قال : فلعلي إن عدلت في قسمها أن يقول بعض من لم يرزق منها : إنه لم يعدل في قسمها فيأثم . ازوها عني زوى الله عنك أوزارك " .

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية