الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      [ ص: 646 ] في القراض الذي لا يجوز قلت : أرأيت إن دفعت إلى رجل مائتي دينار قراضا ، على أن يعمل بكل مائة منهما على حدة ، على أن ربح مائة منهما بيننا ، وربح المائة الأخرى للعامل ، أيجوز هذا في قول مالك ؟ قال : لا يجوز هذا ; لأنهما قد تخاطرا ، ألا ترى أنه إن لم يربح في المائة التي جعل ربحها بينهما ، وربح في الأخرى ، كان قد غبن العامل رب المال وإن ربح في المائة التي أخذها بينهما ، ولم يربح في الأخرى ، كان رب المال قد غبن العامل فيه ، فقد تخاطرا على هذا . قال ابن القاسم : وأرى أنه أجبر في المائتين ويكون له أجرة مثله قلت : أرأيت إن دفعت إليه ألف درهم قراضا ، على أن ما رزق الله في خمسمائة منها بعينها فذلك للمضارب ، وما رزق الله في خمسمائة منها بعينها فذلك لرب المال ، فعمل بكل مال على حدة ؟ قال : لا خير في هذا ، لأني سألت مالكا عن الرجل يدفع إلى الرجل مائتي دينار ، على أن إحداهما على النصف والأخرى على الثلث ، يعمل بهذه على حدة وهذه على حدة ؟ قال مالك : لا خير في هذا . قال مالك : وكذلك الحائطان ، لا يصلح أن يأخذهما مساقاة ، هذا على النصف وهذا على الثلث يساقيهما جميعا صفقة واحدة ، إلا أن يكونا جميعا على النصف ، أو جميعا على الثلث قلت : ولم كره مالك هذا في المساقاة وفي القراض ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : لأن فيه خطرا ; لأن الحائطين ربما قل ثمر هذا أو كثر ثمر هذا . فكأنما خاطره وقال له : اعمل لي هذا الحائط بثلث ما يخرج منه ، فقال : لا أعمل لك بالثلث في هذا الحائط ، إلا أن تعطيني حائطك هذا الآخر أعمل فيه بالنصف ، فقد تخاطرا إن أخرج هذا الحائط الذي بالثلث وأثمر ، كان العامل قد غبن رب الحائط في الحائط الذي أخذه منه بالنصف ، وإن لم يخرج الحائط الذي أخذه على الثلث ، كان رب المال قد غبنه فيه .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية