الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1832 [ ص: 8 ] حديث ثان لعبد الرحمن بن حرملة - مرسل مالك ، عن عبد الرحمن بن حرملة ، عن سعيد بن المسيب ، أنه كان يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشيطان يهم بالواحد والاثنين ، فإذا كانوا ثلاثة لم يهم بهم

التالي السابق


لم يختلف الرواة للموطأ في إرسال هذا الحديث ، وقد رواه ابن أبي الزناد - مسندا عن أبي هريرة ، حدثناه عبد الوارث بن سفيان ، قال حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الحسين الكوفي بالكوفة ، قال حدثنا عبد العزيز بن محمد الكوفي ، قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن عبد الرحمن بن حرملة ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن الشيطان يهم بالواحد والاثنين فإذا كانوا ثلاثة لم يهم بهم وهذا في معنى ما ذكرنا أن الاثنين لا يحكم لهما بحكم الجماعة إلا فيما خصته السنة ، ولم يختلف العرب أن نون الاثنين مكسورة ، ونون الجمع مفتوحة ، ففرقت بين الاثنين والجماعة ؛ ومعناه يتصل من وجوه حسان ، منها : ما رواه عبيد الله بن عمرو الرقي ، عن عبد الكريم الجزري ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

حدثنا خلف بن القاسم ، قال حدثنا أبو الفرج محمد بن سعيد بن عبدان ، قال حدثنا عبد الله بن العباس الطيالسي ، قال حدثنا سعيد بن يحيى الأموي ، قال حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن عاصم ، عن زر ، عن عمر بن الخطاب ، قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة ، فإن الشيطان مع الواحد ، وهو من الاثنين أبعد [ ص: 9 ] ورواه جرير بن حازم ، عن عبد الملك بن عمير بن جابر ، عن سمرة ، عن عمر بن الخطاب . وروى غيره عن عبد الملك بن عمير ، قال : حدثت عن عبد الله بن الزبير ، عن عمر بن الخطاب - فذكره .

حدثنا خلف بن سعيد ، قال حدثنا عبد الله بن محمد ، قال حدثنا أحمد بن خالد ، قال حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال حدثنا مالك بن إسماعيل النهدي ، قال حدثنا عصام بن محمد بن زيد بن عمر ، أنه سمع أباه يقول : قال عبد الله بن عمر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لو يعلم الناس ما في الوحدة ما سار راكب بليل أبدا حدثنا أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن ، قال حدثنا محمد بن معاوية بن عبد الرحمن ، قال حدثنا إبراهيم بن موسى بن جميل ، قال حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، قال حدثنا عبيد الله بن صالح العتكي ، قال حدثنا خالد أبو يزيد الرقي ، عن يحيى المديني ، عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه قال : خرجت مرة لسفر فمررت بقبر من قبور الجاهلية ، فإذا رجل قد خرج من القبر في عنقه سلسلة ، ومعي إداوة من ماء ؛ فلما رآني قال : يا عبد الله اسقني ، قال : فقلت عرفني فدعاني باسمي , أو كلمة تقولها العرب : يا عبد الله ؟ إذ خرج على إثره رجل من القبر فقال : يا عبد الله ، لا تسقه فإنه كافر ، ثم أخذ السلسلة فاجتذبه ، فأدخله القبر ؛ قال ثم أضافني الليل إلى بيت عجوز إلى جانبها قبر ، فسمعت من القبر صوتا يقول : بول وما بول ؟ شن وما شن ؟ فقلت للعجوز : ما هذا ؟ قالت : كان زوجا لي وكان إذا بال لم يتق البول وكنت أقول له : ويحك ! إن الجمل إذا بال تفاج ، وكان يأبى ؛ فهو ينادى من يوم مات : بول وما بول ؟ قلت فما الشن ؟ قالت جاء رجل عطشان فقال : اسقني فقال دونك الشن ، فإذا ليس فيه شيء ، فخر الرجل ميتا ؛ فهو ينادى منذ يوم مات : شن وما شن ؟ فلما قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبرته ، فنهى أن يسافر الرجل وحده . [ ص: 10 ] قال أبو عمر هذا الحديث ليس له إسناد ، ورواته مجهولون ، ولم نورده للاحتجاج به ، ولكن للاعتبار ؛ وما لم يكن فيه حكم ، فقد تسامح الناس في روايته عن الضعفاء - والله المستعان . أخبرنا عبد الله بن محمد ، قال حدثنا عبد الحميد بن أحمد ، قال حدثنا الخضر بن داود ، قال حدثنا أبو بكر الأثرم ، قال حدثنا موسى بن إسماعيل ، قال حدثنا أبو عوانة ، قال حدثنا المغيرة بن زياد ، عن أبي عمر مولى أسماء بنت أبي بكر ، قال : أتيت عمر بن عبد العزيز وهو بجدة ، وهو يومئذ أمير مكة والمدينة ؛ فأتيته بطرف من طرف مكة ، وأمشاط من عاج ؛ وسرت ليلتي فصبحته - وهو قاعد في مجلسه يقرأ في المصحف - ودموعه تسيل على لحيته ؛ فلما رآني رحب بي ثم قال أبا عمر ، متى فارقت مكة ؟ قلت : الليلة عشيا ، قال من جاء معك ؟ قلت : ما جاء معي أحد ؛ قال : بئس ما صنعت ، أما بلغك أن الشيطان مع الواحد ، وهو من الاثنين أبعد , والثلاثة صحابة ؛ إذا مات أحدهم ، دفنه صاحباه ؛ قال فقدمت إليه الهدية ، فأعجبته فقال أما هذه الأمشاط العاج ، فلا حاجة لنا بها ؛ قد كنا مدة نمتشط بها ، فأما اليوم ، فلا حاجة لنا فيها . قال أبو عمر : قوله في هذا الحديث : " وهو من الاثنين أبعد " - بمعنى بعيد - كما قيل : الله أكبر - بمعنى كبير ، وهذا في لسان العرب موجود كثير .




الخدمات العلمية