الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          المسألة الرابعة عشرة

          إذا كانت العلة في أصل القياس بمعنى الباعث ، كما قررناه ، فشرطها أن يكون ضابط الحكمة المقصودة للشرع من إثبات الحكم أو نفيه بحيث لا يلزم منه [1] إثبات الحكم مع تيقن انتفاء الحكمة في صورة ، وإلا كان فيه إثبات الحكم مع انتفاء الحكمة المطلوبة منه يقينا ، وهو ممتنع ، ومثاله ما لو قيل بأن حكمة القصاص إنما هي صيانة النفس المعصومة عن الفوات ، فمن ضبط صيانة النفس عن الفوات بالجرح لا غير ، كما يقوله أبو حنيفة ، فيلزمه شرع القصاص في حق من جرح ميتا ضرورة وجود الضابط مع تيقن انتفاء الحكمة أو نفي الحكم مع وجود علته وهو ممتنع .

          فإن قيل : وإن لزم من ذلك إثبات الحكم في صورة بدون حكمة واحدة .

          [ ص: 240 ] وذلك الضابط [2] في الأصل المذكور ، وإنما يمتنع الضبط به إن لو لم يكن له سوى حكمة واحدة .

          وأما إذا جاز أن يكون الوصف الواحد ضابطا في كل صورة لحكمة ، فانتفاء حكمة إحدى الصورتين عن الأخرى لا يوجب أن يكون ثبوت الحكم في الصورة التي انتفت عنها تلك الحكمة عريا عن الفائدة ، بل يكون ثبوته بالحكمة الخاصة بتلك الصورة ، والضابط لها ولحكمة الحكم في الصورة الأخرى شيء واحد .

          قلنا : إذا اتحد الضابط فاختصاصه في كل صورة بحكمة مخالفة للحكمة المختصة به في الصورة الأخرى ، إما أن يكون ذلك لذاته أو لمخصص مختص بتلك الصورة دون الصورة الأخرى .

          لا جائز أن يقال بالأول ، وإلا لزم الاشتراك بين الصورتين في الحكمتين ضرورة اتحاد المستلزم لها .

          وإن قيل بالثاني ، فما به التخصيص في كل واحدة من الصورتين ولا وجود له في الصورة الأخرى يكون من جملة الضابط ، فالضابط للحكمتين يكون مختلفا ، وإن كان مركبا من الوصف المشترك وما به تخصصت كل صورة من المخصص الزائد .

          [3]

          التالي السابق


          الخدمات العلمية