الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
الخامس : إزالة اللبس حيث يكون الضمير يوهم أنه غير المراد كقوله تعالى : قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء ( آل عمران : 26 ) لو قال : " تؤتيه " لأوهم أنه الأول ، قاله ابن الخشاب .

وقوله تعالى : الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء ( الفتح : 6 ) كرر السوء ; لأنه لو قال : " عليهم دائرة " لالتبس بأن يكون الضمير عائدا إلى الله تعالى ، قاله الوزير المغربي في " تفسيره " .

ونظيره : الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وتبيينه : الأول النطفة أو التراب ، والثاني : الوجود في الجنين أو الطفل ، والثالث : الذي بعد الشيخوخة ، وهو أرذل العمر ; والقوة الأولى التي تجعل للطفل [ ص: 66 ] التحرك والاهتداء للثدي ، والثانية بعد البلوغ ، قاله ابن الحاجب ، ويؤيد الغيرية التنكير .

ونحو قوله تعالى : وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ( الإسراء : 78 ) الآية ، لو قال : " إنه " لأوهم عود الضمير إلى الفجر .

وقوله تعالى : يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها ( النحل : 111 ) فلم يقل " عنها " لئلا يتحد الضميران فاعلا ومفعولا ; مع أن المظهر السابق لفظ النفس ، فهذا أبلغ من " ضرب زيد نفسه " .

وكقوله تعالى : ثم استخرجها من وعاء أخيه ( يوسف : 76 ) وإنما حسن إظهار الوعاء مع أن الأصل " فاستخرجها منه " لتقدم ذكره ; لأنه لو قيل ذلك لأوهم عود الضمير على الأخ ، فيصير كأن الأخ مباشر لطلب خروج الوعاء ، وليس كذلك ; لما في المباشر من الأذى الذي تأباه النفوس الأبية ، فأعيد لفظ الظاهر لنفي هذا .

وإنما لم يضمر الأخ فيقال : " ثم استخرجها من وعائه " لأمرين : أحدهما : أن ضمير الفاعل في ( استخرجها ) ليوسف - عليه السلام - فلو قال : " من وعائه " لتوهم أنه يوسف ; لأنه أقرب مذكور ، فأظهر لذلك .

والثاني : أن الأخ مذكور مضاف إليه ; ولم يذكر فيما تقدم مقصودا بالنسبة الإخبارية ، فلما احتيج إلى إعادة ما ، وأضيف إليه أظهره أيضا .

وقوله تعالى : يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال ( المزمل : 14 ) .

[ ص: 67 ] ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ( العنكبوت : 10 )

التالي السابق


الخدمات العلمية