الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

والجماع الضار نوعان : ضار شرعا ، وضار طبعا . فالضار شرعا : المحرم ، وهو مراتب بعضها أشد من بعض . والتحريم العارض منه أخف من اللازم ، كتحريم الإحرام ، والصيام ، والاعتكاف ، وتحريم المظاهر منها قبل التكفير ، وتحريم وطء الحائض ، ونحو ذلك ، ولهذا لا حد في هذا الجماع .

[ ص: 243 ] وأما اللازم : فنوعان . نوع لا سبيل إلى حله البتة ، كذوات المحارم ، فهذا من أضر الجماع ، وهو يوجب القتل حدا عند طائفة من العلماء ، كأحمد بن حنبل رحمه الله وغيره ، وفيه حديث مرفوع ثابت .

والثاني : ما يمكن أن يكون حلالا ، كالأجنبية ، فإن كانت ذات زوج ، ففي وطئها حقان . حق لله ، وحق للزوج . فإن كانت مكرهة ، ففيه ثلاثة حقوق ، وإن كان لها أهل وأقارب يلحقهم العار بذلك صار فيه أربعة حقوق ، فإن كانت ذات محرم منه ، صار فيه خمسة حقوق . فمضرة هذا النوع بحسب درجاته في التحريم .

وأما الضار طبعا ، فنوعان أيضا : نوع ضار بكيفيته كما تقدم ، ونوع ضار بكميته ، كالإكثار منه ، فإنه يسقط القوة ، ويضر بالعصب ، ويحدث الرعشة ، والفالج ، والتشنج ، ويضعف البصر وسائر القوى ، ويطفئ الحرارة الغريزية [ ص: 244 ] ويوسع المجاري ويجعلها مستعدة للفضلات المؤذية .

وأنفع أوقاته ما كان بعد انهضام الغذاء في المعدة ، وفي زمان معتدل لا على جوع ، فإنه يضعف الحار الغريزي ، ولا على شبع ، فإنه يوجب أمراضا شديدة ، ولا على تعب ، ولا إثر حمام ، ولا استفراغ ، ولا انفعال نفساني كالغم والهم والحزن وشدة الفرح .

وأجود أوقاته بعد هزيع من الليل إذا صادف انهضام الطعام ، ثم يغتسل أو يتوضأ ، وينام عليه ، وينام عقبه ، فتراجع إليه قواه ، وليحذر الحركة والرياضة عقبه ، فإنها مضرة جدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية