الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4871 [ 2626 ] وعنه ; قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أيها الناس توبوا إلى الله ، فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة .

                                                                                              رواه أحمد (4 \ 260) ، ومسلم (2702) (42) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله : " يا أيها الناس توبوا إلى الله ") أمر على جهة الوجوب ، كما قال تعالى : وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون وكما قال تعالى : توبوا إلى الله توبة نصوحا وقال : ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ولا خلاف أنها واجبة على كل من أذنب ، وهي في اللغة : الرجوع . يقال : تاب وثاب وأثاب وأناب وآب ، بمعنى : رجع . وهي في الشرع : الرجوع عما هو مذموم في الشرع إلى ما هو محمود فيه ، وسيأتي استيفاء الكلام فيها في الرقائق ، إن شاء الله تعالى .

                                                                                              [ ص: 28 ] و (قوله : " فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة ") هذا يدل على استدامة التوبة ، وأن الإنسان مهما ذكر ذنبه جدد التوبة ; لأنه من حصول الذنب على يقين ، ومن الخروج عن عقوبته على شك ، فحق التائب أن يجعل ذنبه نصب عينيه ، وينوح دائما عليه ، حتى يتحقق أنه قد غفر له ذنبه ، ولا يتحقق أمثالنا ذلك إلا بلقاء الله تعالى ، فواجب عليه ملازمة الخوف من الله تعالى ، والرجوع إلى الله بالندم على ما فعل ، وبالعزم على ألا يعود إليه ، والإقلاع عنه . ثم لو قدرنا أنه تحقق أنه غفر له ذلك الذنب تعينت عليه وظيفة الشكر ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " أفلا أكون عبدا شكورا ؟ " وإنما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه يكرر توبته كل يوم مع كونه مغفورا له ، ليلحق به غيره نفسه بطريق الأولى ; لأن غيره يقول : إذا كانت حال من تحقق مغفرة ذنوبه هكذا ، كانت حال من هو من ذلك في شك أحرى وأولى ، وكذلك القول في الاستغفار والتوبة يقتضي شيئا يتاب منه ; إلا أن ذلك منقسم بحسب حال من صدر منه ذلك الشيء ، فتوبة العوام من السيئات ، وتوبة الخواص من الغفلات ، وتوبة خواص الخواص من الالتفات إلى الحسنات ، هكذا قاله بعض أرباب القلوب ، وهو كلام حسن في نفسه ، بالغ في فنه .




                                                                                              الخدمات العلمية