الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل ، الرابع : أن يذكر اسم الله عند الذبح ، وهو أن يقول : بسم الله ، لا يقوم غيرها مقامها ، إلا الأخرس ، فإنه يومئ إلى السماء ، فإن ترك التسمية لم تبح ، وإن تركها ساهيا أبيحت ، وعنه : تباح في الحالين ، وعنه : لا تباح فيهما .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل .

                                                                                                                          ( الرابع : أن يذكر اسم الله عند الذبح ) وذكر جماعة : أو قبله قريبا ، فصل بكلام ، أو لا كالطهارة ، فعلى هذا : إن سمى على شاة ثم أخذ السكين ، أو كانت بيد مفتركها وأخذ أخرى ، أو تحدث ثم ذبح حلت ، لأنه سمى عليها ، لقوله تعالى : ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق ] الأنعام : 121 [ والفسق حرام ، لقوله تعالى : قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه الآية ] الأنعام : 145 [ ولأنه أمر به وأطلق ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذبح سمى ، [ ص: 223 ] فحمل المطلق على المقيد ( وهو أن يقول : بسم الله ) لأن إطلاق التسمية تنصرف إليها ولو بغير العربية ، لأن المقصود ذكر اسم الله ، وقد حصل بخلاف التكبير ، والسلام ، فإن المقصود لفظه ، وفي " المحرر " : أنه إن سمى بغير العربية من لا يحسنها فعلى وجهين ، صحح في " الرعاية " عدم الإجزاء ( لا يقوم غيرها مقامها ) كالتسبيح ، والتهليل ، والتكبير ، وسؤال المغفرة ، وقدمه في " المستوعب " و " الرعاية " ، وهو احتمال في " الشرح " ، وقيل : يكفي تكبير ونحوه ، ويضمن أجير تركها إن حرمت ، واختار في " النوادر " لغير شافعي ، قال في " الفروع " : ويتوجه يضمنه النقص إن حلت ( إلا الأخرس ، فإنه يومئ إلى السماء ) لأن إشارته تقوم مقام النطق ، وكذا إذا علم أنه أشار إشارة تدل على التسمية .

                                                                                                                          فرع : يسن التكبير معها ، نص عليه ، وقيل : لا ، كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في المنصوص ، وفي " المنتخب " : لا يجوز ذكره معها شيئا ، واختار ابن شاقلا : أنه يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم عندها ( فإن ترك التسمية ) عمدا ، أو جهلا ( لم تبح وإن تركها ساهيا أبيحت ) ذكر في " الكافي " : أنها المذهب ، وجزم بها في " الوجيز " ، وذكر السامري : أنها أكثر الروايات عنه ، لحديث الأحوص بن حكيم بن حزام ، عن راشد بن سعد ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ذبيحة المسلم حلال ، وإن لم يسم ، ما لم يتعمد . رواه سعيد ، لكن الأحوص ضعيف ، وعن ابن عباس ، فيمن نسي التسمية ، قال : المسلم فيه اسم الله تعالى ، وإن لم يذكر التسمية . رواه سعيد بإسناد جيد ، وعن القاسم بن محمد ، قال عمر : لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه . رواه سعيد . والآية محمولة على تركها عمدا ، لقوله تعالى وإنه لفسق [ ص: 224 ] والأكل مما نسيت عليه التسمية ليس بفسق ، لقوله عليه السلام : عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان . وقال أحمد في قوله تعالى : ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه يعني : الميتة ، نقلها الميموني ( وعنه : تباح في الحالين ) لما روي أنه رخص أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في أكل ما لم يذكر اسم الله عليه ، وعن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، أرأيت الرجل يذبح وينسى أن يسمي ، قال : اسم الله على كل مسلم . رواه ابن عدي ، والدارقطني . ولأن التسمية لو اشترطت لما حلت الذبيحة مع الشك في وجودها ، لأن الشك في الشرط شك في المشروط ، والذبيحة مع الشك في وجود التسمية حلال ، بدليل حل ذبيحة أهل الكتاب ، مع أن الأصل عدم إتيانهم بها ، بل الظاهر أنهم لا يسمون ، وذلك أبلغ في المنع من الشك ( وعنه : لا تباح فيهما ) قدمها في " المحرر " و " الفروع " لقوله تعالى : ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ولأن الشيء متى كان شرطا لا يعذر في تركه سهوا ، كالوضوء مع الصلاة ، وعنه : يختص المسلم باشتراطها ، ونقل حنبل عكسها ، لأن المسلم فيه اسم الله ، وسيأتي الكلام على الصيد .

                                                                                                                          فرع : إذا شك في تسمية الذابح حل ، فلو وجد شاة مذبوحة في موضع يباح ذبح أكثر أهله حلت ، وإلا فلا .




                                                                                                                          الخدمات العلمية