الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وإن أدرك الصيد متحركا كحركة المذبوح فهو كالميت ، ومتى أدركه ميتا حل بشروط أربعة ، أحدها : أن يكون الصائد من أهل الذكاة ، فإن رمى مسلم ومجوسي صيدا ، أو أرسلا عليه جارحا ، أو شارك كلب المجوسي كلب المسلم في قتله ، لم يحل . وإن أصاب سهم أحدهما المقتل دون الآخر فالحكم له ، ويحتمل ألا يحل ، وإن رد كلب المجوسي الصيد على كلب المسلم ، فقتله ، حل . وإن صاد المسلم بكلب المجوسي حل ، وعنه : لا يحل ، وإن صاد المجوسي بكلب المسلم لم يحل ، وإن أرسل المسلم كلبا ، فزجره المجوسي ، حل ، وإن أرسله المجوسي ، فزجره المسلم ، لم يحل . .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وإن أدرك الصيد متحركا كحركة المذبوح فهو كالميت ) أي : لا يحتاج إلى ذكاة ، لأن عقره كذكاته ( ومتى أدركه ميتا حل ) لأن الاصطياد أقيم مقام الذكاة ، والجارح له آلة السكين ، وعقره بمنزلة قطع الأوداج ( بشروط أربعة ، أحدها : أن يكون الصائد من أهل الذكاة ) لقوله عليه السلام : فإن أخذ الكلب ذكاة . متفق عليه . والصائد بمنزلة المذكي فتشترط فيه الأهلية ، وفي المجوسي رواية في ما صاده من سمك وجراد : أنه لا يحل ، لما روى سعيد ، ثنا إسماعيل بن عياش ، حدثني عبد الله بن عبيد الكلاعي ، عن سليمان بن موسى ، عن الحسن ، قال : أدركت سبعين رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يأكلون من صيد المجوس . إسماعيل عن الشاميين حجة .

                                                                                                                          وفي الأعمى قويل لابن حمدان : إنه لا يحل لتعذر قصده صيدا معينا ، وظاهر ما ذكروه : أن ما لا يفتقر إلى ذكاة كالحوت إذا صاده من لا تباح ذكاته أنه يباح ، واختاره الخرقي ، وصححه في الكافي : أنه لا ذكاة له ، أشبه ما لو وجده ميتا ( فإن رمى مسلم ومجوسي صيدا ، أو أرسلا عليه جارحا ) أو جارحا غير معلم ، أو غير مسمى عليه ( أو شارك كلب المجوسي كلب المسلم في قتله ) أو وجد مع كلبه كلبا لا يعرف مرسله ، أو لا يعرف حاله ، أو مع سهمه سهما كذلك ( لم يحل ) لقول النبي صلى الله عليه وسلم : إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل ، وإن وجدت معه غيره فلا تأكل ، إنما سميت على كلبك ولم تسم على [ ص: 235 ] غيره . متفق عليه . ولأنه اجتمع في قتله مبيح ومحرم ، فغلبنا التحريم ، كالمتولد بين ما يؤكل وما لا يؤكل ، ولأن الأصل الحظر ، فإذا شككنا في المبيح رد إلى أصله ، وكذا لو أرسل كلبه المعلم ، فاسترسل معه آخر بنفسه .

                                                                                                                          فرع : إذا أرسل جماعة كلابا بشرطه ، وسموا ، فوجدوا الصيد قتلا ، لا يدرون من قتله ، حل ، وإن اختلفوا أو كانت الكلاب متعلقة به فهو بينهم ، وإلا كان لمن كلبه متعلق به ، وعلى من حكمنا له به اليمين ، وإن كان قتيلا والكلاب ناحية وقف الأمر حتى يصطلحوا ، وقيل : يقرع بينهم ، وعلى الأول : إن خيف فساده باعوه ثم اصطلحوا على ثمنه .

                                                                                                                          ( وإن أصاب سهم أحدهما المقتل دون الآخر فالحكم له ) قدمه في المحرر والرعاية والفروع ، لأنه هو القاتل ، فوجب أن يترتب عليه الحكم ، وفي الشرح : فإن أصاب أحدهما مقتله دون الآخر ، مثل أن يكون الأول قد عقره موحيا ، ثم أصابه الثاني موح ، فالحكم للأول ، وإن كان الجرح الثاني موحيا ، فهو مباح إن كان الأول مسلما ، لأن الإباحة حصلت به ( ويحتمل ألا يحل ) هذا رواية ، وجزم بها في الروضة ، كما لو أسلم بعد إرساله له ، لكن لو أثخنه كلب المسلم ثم قتله الآخر ، وفيه حياة مستقرة ، حرم ، ويضمنه له .

                                                                                                                          فرع : إذا رمى سهما ثم ارتد ، أو مات بين رميه وإصابته ، حل .

                                                                                                                          ( وإن رد كلب المجوسي الصيد على كلب المسلم فقتله حل ) لأن جارحة المسلم انفردت بقتله فأبيح ، كما لو رمى المجوسي سهمه ، فرد الصيد ، فأصابه سهم [ ص: 236 ] المسلم فقتله ، أو أمسك المجوسي شاة فذبحها مسلم ( وإن صاد المسلم بكلب المجوسي حل ) ولو كان في ملكه ، ذكر في الكافي : أنه المذهب وفاقا ، وهو غير مكروه ، ذكره أبو الخطاب وأبو الوفا وابن الزاغوني ، لأنه آلة ، أشبه ما لو صاده بقوته وسهمه ( وعنه : لا يحل ) وإن كان لمسلم ، لقوله تعالى : وما علمتم من الجوارح مكلبين ] المائدة : 4 [ وكلب المجوسي غير معلم من مسلم ، وجوابه : أن الآية دلت على إباحة الصيد بما علمناه وما علمه غيرنا ، فهو في معناه ، وكرهه جماعة ، منهم : جابر ، والحسن ، ومجاهد ، والنخعي ، والثوري ، ( وإن صاد المجوسي بكلب المسلم لم يحل ) في قول الجميع ، كما لو صاد بقوسه ، ولأنه ليس من أهل الذكاة ، ( وإن أرسل المسلم كلبا فزجره المجوسي ) فزاد عدوه أو ذبح ما أمسكه له مجوسي بكلبه وقد جرحه غير موح ( حل ) ؛ لأن الصائد هو المسلم وهو من أهل الذكاة ( وإن أرسله المجوسي فزجره المسلم ) وقيل : ولم يزد عدو كلبه بزجر المسلم ( لم يحل ) لأن الصائد ليس من أهل الذكاة إذ العبرة بالإرسال .




                                                                                                                          الخدمات العلمية