الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعالي المرأة على زوجها ورفع صوتها عليه يعد من النشوز

السؤال

لقد حرم الله سبحانه وتعالى تشبه النساء بالرجال، والذي هو تشبههن في مشيتهن ولباسهن بالطريقة التي يتصف بها الرجال، لكن سؤالي: هل تنطبق هذه الحرمة على تشبههن بطباعهن وسلوكهن وطريقة ردود أفعالهن بالرجال؟ أي هل يعتبر تشبه بعض النساء بطباع وسلوك الرجل تشبها محرما يغضب الله وتحاسب عليه مثل المرأة المسترجلة؟ وخصوصاً عندما تكون هذه المرأة زوجة وتعامل زوجها بتحد وتمرد وردات فعل حادة استرجالية تبغض وتنفر الزوج منها، أو تسلطها وعلوها عليه وتحديها ونبرة صوتها البعيدة كل البعد عن أهم صفة تعلو بها المرأة ـ وهي الخجل والحياء وانخفاض الرأس والبكاء الأنثوي ـ فترى الزوجة نفسها ـ رغم أنها زوجة وليست عازبة ـ بأنها كيان مستقل ولها شخصيتها وكرامتها طبعاً، وكل شيء لا يعجبها تلصقه بشعار الكرامة ولو لم تكن له علاقة بالكرامة، والزوجة التي إن لم تقتنع بما يقوله الزوج لها فلا تبالي به ولا تحترمه، بل تتمرد وتنفرد بتصرفاتها المستقلة، وإن صُدمت مع الزوج فيما لا يقبله الزوج من سلوكها الاسترجالي فإنها تتحدى وتتمرد وربما تنشز معتبرة نفسها تحت رحمة رجل جلاد ظالم وتصرخ بفجور معتبرة نفسها مسكينة ولا يجب أن تخنع للرجل وتضعف، بل يجب أن تكشر عن أنيابها ناسية نفسها وأنها امرأة وليست رجلا: فهل تعتبر المرأة ذات الصفات المذكورة متشبهة بالرجال؟ وهل ستحاسب عليه يوم القيامة؟ خصوصاً إذا كان الزوج طيبا يعاملها برحمة ـ ورفقا بالقوارير ـ رغم أنفه، كي يرضي الله وكي لا يشرّد أولاده بتركها بعد تبخر الحب بينه وبينها وذلك بسبب ما رآه منها مما لا يتمناه أي رجل وذلك بحصوله على زوجة ذات حياء ومسايرة والحافظة على كيان الرجل ومكانته كرب أسرة دون التعدي على دوره.
ملاحظة: العبارات التي استخدمتها في سؤالي عن ذلك النوع من النساء واقعية دون مبالغة، فلا تقل لي هون عليك.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن بعض هذه التصرفات التي ذكرتها عن هذه الزوجة تصرفات قبيحة ومحرمة، فإن الله تعالى قد جعل القوامة للزوج على زوجته، قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ.

{النساء: 34}.

وبين النبي صلى الله عليه وسلم عظم حق الزوج على زوجته، وراجع نصوص الشرع في هذا في الفتوى رقم: 52900.

وتعالي هذه المرأة على زوجها ورفع صوتها عليه ونحو هذا تفريط منها في حق الزوج ونشوز تسقط به نفقتها ويحق لزوجها تأديبها عليه، وكيفية علاج نشوز المرأة مبينة في الفتوى رقم: 1103.

ويجب على الزوجة طاعة زوجها فيما يأمرها به مما هو متعلق بأمور النكاح وليس فيه معصية لله تعالى ولا يلزم لطاعتها إياه في ذلك أن تقتنع به، وراجع الفتوى رقم: 64287.

ولعل من المناسب هنا أن ننبه إلى أن قوامة الزوج على زوجته لا يعني تسلطه عليها، أو هضمه لحقوقها وشخصيتها بحيث لا تكون لها شخصيتها المستقلة التي تتصرف بها في حدود ما جاء به الشرع، وانظر الفتوى رقم: 18814.

ويحرم على المرأة التشبه بالرجل في كل ما جرى عرف الناس بأنه مختص بالرجل من ملبس، أو مشبه، أو كلام ونحو ذلك، قال ابن حجر الهتمي في كتابه: الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة السابعة بعد المائة: تشبه الرجال بالنساء فيما يختص به عرفا غالبا ـ من لباس، أو كلام، أو حركة، أو نحوها وعكسه. اهـ.

ويعني بقوله: وعكسه ـ تشبه المرأة بالرجال في ذلك أيضا.

وقال الحافظ في الفتح: قال الطبري: المعنى: لا يجوز للرجال التشبه بالنساء في اللباس والزينة التي تختص بالنساء ولا العكس، قلت: وكذا في الكلام والمشي، فأما هيئة اللباس فتختلف باختلاف عادة كل بلد، فرب قوم لا يفترق زي نسائهم من رجالهم في اللبس، لكن يمتاز النساء بالاحتجاب والاستتار. اهـ.

وعلى هذا، فإذا تشبهت المرأة بالرجل في أسلوب كلامها كان ذلك داخلا في التشبه المنهي عنه والملعون فاعله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني