الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        صفحة جزء
                        [ ص: 375 ] المسألة الرابعة عشرة : في الخطاب الشفاهي

                        الخطاب الوارد شفاها في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحو : يا أيها الناس ، يا أيها الذين آمنوا ، ويسمى خطاب المواجهة .

                        قال الزركشي : لا خلاف في شموله لمن بعدهم من المعدومين حال صدوره ، لكن هل هو باللفظ أو بدليل آخر من إجماع أو قياس .

                        فذهب جماعة من الحنفية والحنابلة إلى أنه يشملهم باللفظ ، وذهب الأكثرون إلى أنه لا يشملهم باللفظ لما عرف بالضرورة من دين الإسلام أن كل حكم تعلق بأهل زمانه صلى الله عليه وآله وسلم ، فهو شامل لجميع الأمة إلى يوم القيامة ، كما في قوله سبحانه لأنذركم به ومن بلغ وقوله صلى الله عليه وآله وسلم بعثت إلى الناس كافة وقوله تعالى هو الذي بعث في الأميين رسولا إلى قوله ، وآخرين منهم لما يلحقوا بهم قال ابن دقيق العيد في شرح العنوان : الخلاف في أن خطاب المشافهة هل يشمل غير المخاطبين قليل الفائدة ولا ينبغي أن يكون فيه خلاف عند التحقيق ; لأنه إما أن ينظر إلى مدلول اللفظ لغة ، ولا شك أنه لا يتناول غير المخاطبين ، وإما أن يقال إن الحكم يقصر على المخاطبين ، إلا أن يدل دليل على العموم في تلك المسألة بعينها ، وهذا باطل ، لما علم قطعا من الشريعة أن الأحكام عامة إلا حيث يرد التخصيص . انتهى .

                        وبالجملة فلا فائدة لنقل ما احتج به المختلفون في هذه المسألة ; لأنا نقطع بأن الخطاب الشفاهي إنما يتوجه إلى الموجودين باعتبار اللفظ لا إلى المعدومين ونقطع بأن غير [ ص: 376 ] الموجودين ، وإن لم يتناولهم الخطاب ، فلهم حكم الموجودين في التكليف بتلك الأحكام ، حيث كان الخطاب مطلقا ، ولم يرد ما يدل على تخصيصهم بالموجودين .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية