الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2277 - مسألة : من سرق المصحف ؟ قال أبو محمد رحمه الله : قال أبو حنيفة ، وأصحابه ، لا قطع على من سرق مصحفا - سواء كانت عليه حلية فضة تزن مائتي درهم ، أو أكثر ، أو أقل أو لم تكن .

                                                                                                                                                                                          وقال مالك ، والشافعي ، وأصحابنا : عليه القطع ؟ قال أبو محمد رحمه الله : واحتج من لم ير القطع بأن قال : إن له فيه حق التعليم ; لأنه ليس له منعه عمن احتاج إليه . قال : فلما كان له فيه حق كان كمن سرق من بيت المال . قال : والفضة تبع ; لأنها تدخل في بيعه ، كما يدخل في بيعه الجلد ، والدفتان - وهذا كلام في غاية الفساد والباطل : أول ذلك - قولهم : لأن له فيه حق التعليم - وقد كذب ، إنما حق المتعلم في التلقين فقط ، لا في مصحف الناس أصلا ، إذ لم يوجبه قرآن ، ولا سنة ، ولا إجماع . [ ص: 326 ]

                                                                                                                                                                                          وإنما فرض على الناس تعليم بعضهم بعضا القرآن - تدريسا وتحفيظا - وهكذا كان جميع الصحابة - رضي الله عنهم - في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا خلاف من أحد ، أنه لم يكن هنالك مصحف ، وإنما كانوا يلقنه بعضهم بعضا ، ويقرئه بعضهم بعضا ، فمن احتاج منهم أن يقيد ما حفظ كتبه في الأديم ، وفي اللخاف ، والألواح ، والأكتاف فقط . فبطل قوله " إن للسارق حقا في المصحف " وصح أن لصاحب المصحف منعه من كل أحد ، إذ لا ضرورة بأحد إليه ؟ قال أبو محمد رحمه الله : فصح أن القطع واجب في سرقة المصحف - كانت عليه حلية أو لم تكن - لقول الله تعالى { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } ؟ قال أبو محمد رحمه الله : ويلزمهم أن لا يوجبوا القطع على من سرق كتب العلم - وهذا خطأ ، بل القطع في كل ذلك واجب - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية