الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2286 - مسألة : ذكر أعيان الأحاديث الواردة في القطع باختصار ؟ قال أبو محمد رحمه الله : أما حديث ابن عمر { قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجن ثمنه ثلاثة دراهم } ؟ فلم يروه أحد إلا نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا رواه عنه الثقات الأئمة : أيوب السختياني ، وموسى بن عقبة ، وأيوب بن موسى ، وحنظلة بن أبي سفيان الجمحي ، وعبيد الله بن عمر بن حفص ، وإسماعيل بن أمية ، وإسماعيل بن علية ، وحماد بن زيد ، ومالك بن أنس ، والليث بن سعد ، ومحمد بن إسحاق ، وجويرية بن أسماء ، وغير هؤلاء ممن لا يلحق بهؤلاء ، ولا يختلف في اللفظ ، إلا أن بعضهم قال : قيمته - وبعضهم قال : ثمنه .

                                                                                                                                                                                          ورواه بعض الثقات أيضا عن حنظلة بن أبي سفيان عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : قيمته خمسة دراهم .

                                                                                                                                                                                          وجاء حديث لم يصح ; لأن راويه أبو حرمل - ولا يدرى من هو - أن { جارية سرقت ركوة خمر لم تبلغ ثلاثة دراهم ، فلم يقطعها رسول الله صلى الله عليه وسلم } . [ ص: 349 ] وأما القطع في ربع دينار ، فلم يرو إلا عن عائشة رضي الله عنها وروي عنها على ثلاثة أضرب :

                                                                                                                                                                                          أحدها - أن رسول الله قال صلى الله عليه وسلم { لا قطع إلا في ربع دينار } .

                                                                                                                                                                                          " والثاني - أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم { قطع في ربع دينار ، أو قال : القطع في ربع دينار } .

                                                                                                                                                                                          والثالث - { أنه عليه السلام يقطع في أقل من ثمن المجن - حجفة أو ترس } لا في الشيء التافه ، أو قطع في مجن - ولم يرو هذه الألفاظ باختلافها عنها - رضي الله عنها - إلا القاسم بن محمد ، وعروة بن الزبير ، وعمرة بنت عبد الرحمن ، وامرأة عكرمة - لم تسم لنا - .

                                                                                                                                                                                          فأما القاسم ، فأوقفه على عائشة من لفظها ، ولم يسنده ، لكن أنها قالت : السارق تقطع يده في ربع دينار .

                                                                                                                                                                                          وأنكر عبد الرحمن ابنه على من رفعه وخطأه .

                                                                                                                                                                                          وأما من قال : لا قطع إلا في ربع دينار ، فلم يروه أحد نعلمه إلا يونس عن الزهري عن عروة ، وعمرة عن عائشة مسندا ، وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة مسندا ، ومحمد بن عبد الرحمن عن عمرة عن عائشة مسندا .

                                                                                                                                                                                          وأما الذين رووا القطع في ثمن المجن لا في التافه الذي هو أقل من ثمن المجن ، وتحديد هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ، وامرأة عكرمة عن عائشة مسندا . وأما حديث العشرة دراهم أو الدينار ، فليس فيه شيء أصلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينبغي أن يجوز التمويه فيه على أحد ، إنما فيه موصولا به ذكر العشرة دراهم من قول عبد الله بن عمرو بن العاص - ولا يصح عنه أيضا .

                                                                                                                                                                                          ومن قول عبد الله بن عباس بن عبد الله - وهو قول سعيد بن المسيب ، وأيمن كذلك - وهو عنهم صحيح ، إلا حديثا موضوعا مكذوبا - لا يدرى من رواه - من طريق ابن مسعود مسندا : لا قطع إلا في ربع دينار ، أو عشرة دراهم ، وليس فيه - مع علته - ذكر القيمة أصلا .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية