الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( واسألوا الله من فضله ) أي من زيادة إحسانه ونعمه . لما نهاهم عن تمني ما فضل به بعضهم ، أمرهم بأن يعتمدوا في المزيد عليه تبارك وتعالى . وظاهر قوله : من فضله العموم فيما يتعلق بأحوال الدنيا وأحوال الآخرة ، لأن ظاهر قوله : ( ولا تتمنوا ما فضل ) العموم أيضا ، وهو قول الجمهور . وقال ابن جبير وليث بن أبي سليم : هذا في العبادات والدين وأعمال البر ، وليس في فضل الدنيا . وفي قوله : ( من فضله ) دلالة على عدم تعيين المطلوب ، لكن يطلب من فضل الله ما يكون سببا لإصلاح دينه ودنياه على سبيل الإطلاق ، كما قال تعالى : ( ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ) .

وقرأ ابن كثير والكسائي : ( وسلوا ) بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على السين ، وذلك إذا كان أمرا للمخاطب ، وقبل السين واو أو فاء نحو : ( فسل الذين يقرءون ) و ( فسلوا أهل الذكر ) . وقرأ باقي السبعة بالهمز . قال ابن عطية : إلا في قوله : ( واسألوا ما أنفقتم ) فإنهم أجمعوا على الهمز فيه انتهى . وهذا الذي ذكره ابن عطية وهم ، بل نصوص المقرئين في كتبهم على أن واسألوا ما أنفقتم من جملة المختلف فيه بين ابن كثير والكسائي ، وبين الجماعة ، ونص على ذلك بلفظه ابن شيطا في كتاب التذكار ، ولعل الوهم وقع له في ذلك من قول ابن مجاهد في كتاب السبعة له ، ولم يختلفوا في قوله : ( وليسألوا ما أنفقوا ) أنه مهموز لأنه لغائب انتهى . وروى الكسائي عن إسماعيل بن جعفر عن أبي جعفر وشيبة : أنهما لم يهمزا وسل ولا فسل ، مثل قراءة الكسائي ، وحذف الهمزة في سل لغة الحجاز ، وإثباتها لغة لبعض تميم . وروى اليزيدي عن أبي عمرو : أن لغة قريش سل . فإذا أدخلوا الواو والفاء همزوا ، وسأل يقتضي مفعولين ، والثاني لقوله : واسألوا الله هو قوله : من فضله . كما تقول : أطعمت زيدا من اللحم ، وكسوته من الحرير ، والتقدير : شيئا من فضله ، وشيئا من اللحم ، وشيئا من الحرير . وقال بعض النحويين : ( من ) زائدة ، والتقدير : وسلوا الله فضله ، وهذا لا يجوز إلا على مذهب الأخفش .

[ ص: 237 ] وقال ابن عطية : ويحسن عندي أن يقدر المفعول ( أمانيكم ) إذ ما تقدم يحسن هذا المعنى .

التالي السابق


الخدمات العلمية