الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3422 ) فصل : الشرط الثاني ، أن لا يكون المبيع زاد زيادة متصلة ، كالسمن ، والكبر ، وتعلم الصناعة أو الكتابة أو القرآن .

                                                                                                                                            ونحو ذلك . واختلف المذهب في هذا ، فذهب الخرقي إلى أنها تمنع الرجوع . وروى الميموني ، عن أحمد ، أنها لا تمنع . وهو مذهب مالك ، والشافعي ، إلا أن مالكا يخير الغرماء بين أن يعطوه السلعة أو ثمنها الذي باعها به . واحتجوا بالخبر ، وبأنه فسخ لا تمنع منه الزيادة المنفصلة ، فلا تمنعه المتصلة ، كالرد بالعيب ، وفارق [ ص: 272 ] الطلاق ، فإنه ليس بفسخ ، ولأن الزوج يمكنه الرجوع في قيمة العين ، فيصل إلى حقه تاما . وهاهنا لا يمكنه الرجوع في الثمن

                                                                                                                                            ولنا ، أنه فسخ بسبب حادث ، فلم يملك به الرجوع في عين المال الزائدة زيادة متصلة ، كفسخ النكاح بالإعسار أو الرضاع ، ولأنها زيادة في ملك المفلس ، فلم يستحق البائع أخذها ، كالمنفصلة ، وكالحاصلة بفعله ، ولأن النماء لم يصل إليه من البائع ، فلم يستحق أخذه منه ، كغيره من أمواله ، وفارق الرد بالعيب لوجهين ; أحدهما ، أن الفسخ فيه من المشتري ، فهو راض بإسقاط حقه من الزيادة ، وتركها للبائع ، بخلاف مسألتنا

                                                                                                                                            والثاني ، أن الفسخ ثم لمعنى قارن العقد ، وهو العيب القديم ، والفسخ هاهنا لسبب حادث ، فهو أشبه بفسخ النكاح الذي لا يستحق به استرجاع العين الزائدة . وقولهم : إن الزوج إنما لم يرجع في العين لكونه يندفع عنه الضرر بالقيمة - لا يصح ; فإن اندفاع الضرر عنه بطريق آخر لا يمنعه من أخذ حقه من العين ، ولو كان مستحقا للزيادة لم يسقط حقه منها بالقدرة على أخذ القيمة ، كمشتري المعيب

                                                                                                                                            ثم كان ينبغي أن يأخذ قيمة العين زائدة ; لكون الزيادة مستحقة ، فلما لم يكن كذلك ، علم أن المانع من الرجوع كون الزيادة للمرأة ، وأنه لا يمكن فصلها ، فكذلك هاهنا ، بل أولى ; فإن الزيادة يتعلق بها حق المفلس والغرماء ، فمنع المشتري من أخذ زيادة ليست له ، أولى من تفويتها على الغرماء الذين لم يصلوا إلى تمام ديونهم ، والمفلس المحتاج إلى تبرئة ذمته عند اشتداد حاجته

                                                                                                                                            ( 3423 ) فصل : وأما الخبر فمحمول على من وجد متاعه على صفته ، ليس بزائد ، ولم يتعلق به حق آخر ، وهاهنا قد تعلقت به حقوق الغرماء ، لما فيه من الزيادة ، لما ذكرنا من الدليل ، يحققه أنه إذا كان تلف بعض المبيع مانعا من الرجوع من غير ضرر يلحق بالمفلس ، ولا بالغرماء ، فلأن يمنع الزيادة فيه مع تفويتها بالرجوع عليهم أولى ، ولأنه إذا رجع في الناقص ، فما رجع إلا فيما باعه وخرج منه ، وإذا رجع في الزائد ، أخذ ما لم يبعه ، واسترجع ما لم يخرج عنه ، فكان بالمنع أحق .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية