الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3447 ) فصل : ومتى حجر عليه ، لم ينفذ تصرفه في شيء من ماله ، فإن تصرف ببيع ، أو هبة ، أو وقف ، [ ص: 284 ] أو أصدق امرأة مالا له ، أو نحو ذلك ، لم يصح . وبهذا قال مالك ، والشافعي في قول ، وقال في آخر : يقف تصرفه ، فإن كان فيما بقي من ماله وفاء الغرماء نفذ ، وإلا بطل

                                                                                                                                            ولنا ، أنه محجور عليه بحكم حاكم ، فلم يصح تصرفه ، كالسفيه ، ولأن حقوق الغرماء تعلقت بأعيان ماله ، فلم يصح تصرفه فيها ، كالمرهونة . فأما إن تصرف في ذمته ، فاشترى ، أو اقترض ، أو تكفل ، صح تصرفه ; لأنه أهل للتصرف ، وإنما وجد في حقه الحجر ، والحجر إنما يتعلق بماله لا بذمته ، ولكن لا يشارك أصحاب هذه الديون الغرماء ; لأنهم رضوا بذلك ، إذا علموا أنه مفلس وعاملوه ، ومن لم يعلم فقد فرط في ذلك ، فإن هذا في مظنة الشهرة ، ويتبع بها بعد فك الحجر عنه

                                                                                                                                            وإن أقر بدين ، لزمه بعد فك الحجر عنه . نص عليه أحمد ، وهو قول مالك ، ومحمد بن الحسن ، والثوري ، والشافعي في قول ، وقال في الآخر : يشاركهم ، واختاره ابن المنذر ; لأنه دين ثابت مضاف إلى ما قبل الحجر ، فيشارك صاحبه الغرماء ، كما لو ثبت ببينة . ولنا ، أنه محجور عليه ، فلم يصح إقراره فيما حجر عليه فيه ، كالسفيه ، أو كالراهن يقر على الرهن ، ولأنه إقرار يبطل ثبوته حق غير المقر ، فلم يقبل ، أو إقرار على الغرماء ، فلم يقبل ، كإقرار الراهن ، ولأنه متهم في إقراره ، فهو كالإقرار على غيره ، وفارق البينة ، فإنه لا تهمة في حقها

                                                                                                                                            ولو كان المفلس صانعا ، كالقصار ، والحائك ، في يديه متاع ، فأقر به لأربابه ، لم يقبل إقراره ، والقول فيها كالتي قبلها ، وتباع العين التي في يديه ، وتقسم بين الغرماء ، وتكون قيمتها واجبة على المفلس إذا قدر عليها ; لأنها صرفت في دينه بسبب من جهته ، فكانت قيمتها عليه ، كما لو أذن في ذلك . وإن توجهت على المفلس يمين ، فنكل عنها ، فقضي عليه ، فحكمه حكم إقراره ، يلزم في حقه ، ولا يحاص الغرماء .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية