الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2819 ) فصل : في بيع التمر بالتمر وفروعه ، يجوز بيع التمر بالتمر كيلا بكيل بغير خلاف ، وسواء تساويا في الجودة والرداءة ، وفي كونهما ينكبسان في المكيال ، أو اختلفا في ذلك ، قيل لأحمد : صاع تمر بصاع تمر ، وأحد التمرين يدخل في المكيال منه أكثر ؟ فقال : إنما هو صاع بصاع . وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { التمر بالتمر مدي بمدي ثم قال : من زاد ، أو ازداد ، فقد أربى } . فإن كان في كل واحد منهما نواه ، جاز بيعه متساويا بغير خلاف [ ص: 37 ] لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد علم أن التمر يكون فيه النوى .

                                                                                                                                            وإن نزع من كل واحد منهما نواه ، جاز أيضا . وقال أصحاب الشافعي : لا يجوز في أحد الوجهين ; لأنهما لم يتساويا في حال الكمال . ولأنه يتجافى في المكيال .

                                                                                                                                            ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { التمر بالتمر مدي بمدي } . ولأنهما تساويا في الحال على وجه لا ينفرد أحدهما بالنقصان ، فجاز ، كما لو كان في كل واحد منهما نواه . ويجوز بيع النوى بالنوى كيلا لذلك . وإذا باع تمرا منزوع النوى بتمر نواه فيه ، لم يجز ; لاشتمال أحدهما على ما ليس من جنسه دون الآخر .

                                                                                                                                            وإن نزع النوى ، ثم باع النوى والتمر بنوى وتمر ، لم يجز ; لأنه زالت التبعية بنزعه ، فصار كبيع تمر وحنطة بتمر وحنطة . وإن باع النوى بتمر منزوع النوى ، جاز متفاضلا ، ومتساويا ; لأنهما جنسان .

                                                                                                                                            وإن باع النوى بتمر نواه فيه ، فعلى روايتين ; منع منه في رواية مهنا ، وأحمد بن القاسم ; لأن التمر نوى ، فيصير كمد عجوة ، وكما لو باع تمرا فيه نواه ، بتمر منزوع النوى . وأجاز ذلك في رواية ابن منصور ; لأن النوى في التمر غير مقصود ، ولذلك جاز بيع التمر بالتمر في كل واحد منهما نواه ، وصار هذا كبيع دار مموه سقفها بالذهب بذهب فعلى هذا يجوز بيعه متفاضلا ومتساويا ; لأن النوى الذي في التمر لا عبرة به ، فصار كبيع النوى بمنزوع النوى .

                                                                                                                                            ( 2820 ) فصل : ويصنع من التمر الدبس ، والخل ، والناطف ، والقطارة . ولا يجوز بيع التمر بشيء منها ; لأن مع بعضها من غير جنسه ، وبعضها مائع ، والتمر جامد . ولا يجوز بيع الناطف بعضه ببعض ، ولا بغيره من المصنوع من التمر ; لأن معها شيئا مقصودا من غير جنسهما ، فينزل منزلة مد عجوة . ويجوز بيع القطارة ، والدبس ، والخل ، كل نوع بعضه ببعض متساويا .

                                                                                                                                            قال أحمد في رواية مهنا ، في خل الدقل : يجوز بيع بعضه ببعض متساويا . وذلك لأن الماء في كل واحد منهما غير مقصود ، وهو من مصلحته ، فلم يمنع جواز البيع ، كالخبز بالخبز ، والتمر بالتمر ، في كل واحد منهما نواه . ولا يباع نوع بنوع آخر ; لأن في كل واحد منهما من غير جنسه يقل ويكثر ، فيفضي إلى التفاضل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية