الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : ) وإن أحضرت غريما للزوج أو مودعا في يده مال للزوج وهو مقر بالمال والزوجية أمره القاضي بأداء نفقتها من ذلك بخلاف دين آخر على الغائب فإن صاحب الدين إذا أحضر غريما ، أو مودعا للغائب لم يأمره بقضاء دينه منه ، وإن كان مقرا بالمال وبدينه ; لأن القاضي إنما يأمر في حق الغائب بما يكون نظرا له وحفظا لملكه عليه وفي الإنفاق على زوجته من ماله حفظ ملكه عليه وليس في قضاء الدين من ماله حفظ ملكه عليه بل فيه قضاء عليه بقول الغير ; فلهذا المعنى تقع الفرقة بينهما ( قال : ) وإن جحد المديون ، أو المودع الزوجية بينهما ، أو كون المال في يده لم تقبل بينتها على شيء من ذلك ، أما على الدين الوديعة ; فلأنها تثبت الملك للغائب حتى إذا ثبت ملكه ترتب عليه حقها فيه وهي ليست بخصم في إثبات الملك للزوج في أمواله ، وأما إذا جحدا الزوجية فقد كان أبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول أولا تقبل بينتها على الزوجية ; لأنها تدعي حقا فيما في يده من المال بسبب ، فكان خصما في إثبات ذلك السبب كمن ادعى عينا في يد إنسان أنه له اشتراه من فلان الغائب ، ثم رجع وقال : لا تقبل بينتها على ذلك وهو قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى ; لأنها تثبت النكاح على الغائب ، والمودع والمديون ليس بخصم عن الغائب في إثبات النكاح عليه بالبينة . والاشتغال من القاضي بالنظر يكون بعد العلم [ ص: 198 ] بالزوجية فإذا لم يكن ذلك معلوما له لا يشتغل بسماع البينة من غير خصم ، وإن لم يكن له مال حاضر لم يفرض لها النفقة بطريق الاستدانة عندنا خلافا لزفر رحمه الله تعالى ; لأن في هذا قضاء على الغائب وقد بيناه ، وإن كان له مال حاضر فحضور ماله بمنزلة حضوره استحسانا .

التالي السابق


الخدمات العلمية