الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( أو ) نفى ( الرسل ) أو أحدهم أو أحد الأنبياء المجمع عليه أو جحد حرفا مجمعا عليه من القرآن كالمعوذتين أو صفة من وجوه الأداء المجمع عليها أو زاد حرفا فيه مجمعا على نفيه معتقدا أنه منه أو نقص حرفا مجمعا على أنه منه ( أو كذب رسولا ) أو نبيا أو نقصه بأي منقص كأن صغر اسمه مريدا تحقيره أو جوز نبوة أحد بعد وجود نبينا وعيسى نبي قبل فلا يرد ومنه تمني النبوة بعد وجود نبينا صلى الله عليه وسلم كتمني كفر مسلم بقصد الرضا به لا التشديد عليه ومنه أيضا لو كان فلان نبيا آمنت أو ما آمنت به إن جوز ذلك على الأوجه وخرج بكذبه كذبه عليه وقول الجويني إنه على نبينا صلى الله عليه وسلم كفر بالغ ولده إمام الحرمين في تزييفه ، وأنه زلة ( أو حلل محرما بالإجماع ) وعلم تحريمه من الدين بالضرورة ولم يجز أن يخفى عليه ( كالزنا ) واللواط وشرب الخمر والمكس وسبب التكفير بهذا كالآتي سواء في ذلك ما فيه نص وما لا نص فيه أن إنكار ما ثبت ضرورة أنه من دين محمد صلى الله عليه وسلم فيه تكذيب له صلى الله عليه وسلم ( وعكسه ) أي حرم حلالا مجمعا عليه وإن كره كذلك كالبيع والنكاح ( أو نفى وجوب مجمع عليه ) معلوما كذلك كسجدة من الخمس ( أو عكسه ) أي أوجب مجمعا على عدم وجوبه معلوما كذلك كصلاة سادسة أو نفى مشروعية مجمع على مشروعيته معلوم كذلك كالرواتب وكالعيد كما صرح به البغوي أما ما لا يعرفه إلا الخواص كاستحقاق بنت الابن السدس مع بنت الصلب وكحرمة نكاح المعتدة للغير [ ص: 88 ] وما لمنكره أو مثبته تأويل غير قطعي البطلان كما مر في النكاح أو بعد عن العلماء بحيث يخفى عليه ذلك فلا كفر بجحده ؛ لأنه ليس فيه تكذيب ونوزع في نكاح المعتدة بشهرته ويجاب بمنع ضروريته إذ المراد بالضروري ما يشترك في معرفته الخاص والعام ونكاح المعتدة ليس كذلك إلا في بعض أقسامه وذلك لا يؤثر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : أما ما لا يعرفه إلا الخواص إلخ ) يشكل على ذلك قوله : السابق أو صفة من وجوه الأداء المجمع عليها ؛ لأن تلك الوجوه لا يعرفها إلا الخواص اللهم إلا أن يفرض في وجوه يعرفها غير الخواص أيضا ( قوله : فلا كفر بجحده ) إن شمل بالنسبة للأول ، وهو ما لا يعرفه إلا الخواص ما لو كان الجاحد من الخواص فقوله : لأنه ليس فيه تكذيب مشكل ، وإن حصر بما إذا كان الجاحد ممن لا يخفى عليه [ ص: 88 - 89 ] ذلك فمقابلته بقوله أو بعد عن العلماء إلخ مشكل وينبغي تحرير المسألة من شرح البهجة وما يتعلق به



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : أو نفى الرسل ) بأن قال لم يرسلهم الله ا هـ مغني ( قوله : أو أحدهم ) إلى قوله أو نقص منه في النهاية إلا قوله أو صفة إلى أو زاد ( قوله : كالمعوذتين ) بكسر الواو المشدد وفيه رمز إلى أن سقوطهما من مصحف ابن مسعود رضي الله عنه لا يمنع من دعوى الإجماع على قرآنيتهما ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : أو نقص منه حرفا إلخ ) أي معتقدا أنه ليس منه ويغني عن هذا قوله السابق : أو جحد حرفا إلخ ( قوله : أو نبيا ) إلى قوله وقول الجويني في النهاية إلا قوله آمنت وقوله إن جوز ذلك على الأوجه ( قوله : أو نقصه إلخ ) عبارة المغني أو سبه أو استخف به أو باسمه أو باسم الله أو أمره أو نهيه أو وعده أو وعيده ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : مريدا تحقيره ) قيد ا هـ ع ش ( قوله : أو جوز إلخ ) أو قال كان النبي صلى الله عليه وسلم أسود أو أمرد أو غير قرشي أو قال النبوة مكتسبة أو تنال رتبها بصفاء القلوب أو أوحي إلي ، وإن لم يدع النبوة أو قال إني دخلت الجنة فأكلت من ثمارها وعانقت حورها روض ومغني ( قوله : وعيسى نبي قبل ) مبتدأ وخبر ( قوله : فلا يرد ) أي عيسى على قوله أو جوز نبوة إلخ ( قوله : ومنه ) أي من التجويز المذكور ( قوله : تمني النبوة إلخ ) أي أو ادعاؤها فيما يظهر للقطع بكذبه بنص قوله تعالى { ولكن رسول الله وخاتم النبيين } ا هـ ع ش ( قوله : كتمني كفر مسلم إلخ ) التشبيه في مطلق الردة لا في الردة بالتجويز المذكور ( قوله : لا التشديد عليه ) أي لكونه ظلمه مثلا ويؤخذ من هذا صحة ما قاله العلامة ابن قاسم في شرح الغاية قبيل كتاب الطهارة من جواز الدعاء على الظالم بسوء الخاتمة ا هـ ع ش ( قوله : ومنه أيضا ) أي من التجويز المذكور ( قوله : إن جوز ذلك إلخ ) أي ولم يرد المبالغة في نفي النبوة عنه للعلم بانتفائها ا هـ ع ش ( قوله : وخرج بكذبه كذبه عليه ) أي فلا يكون كفرا بل كبيرة فقط ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : وعلم تحريمه ) إلى قوله ونكاح المعتدة في المغني إلا قوله ، وإن كره وقوله وما لمنكره إلى وبعد عن العلماء وإلى التنبيه في النهاية إلا قوله ، وإن كره ( قوله : ولم يجز أن يخفى عليه ) ولا يقبل منه دعوى الجهل به أما باطنا فإن كان جاهلا به حقيقة فهو معذور ا هـ ع ش ( قوله : واللواط ) أي والظلم ا هـ مغني ( قوله : كالآتي ) أي في قول المصنف وعكسه إلخ ( قوله : في ذلك ) أي في التكفير بهما ( قوله : أن إنكار إلخ ) خبر وسبب التكفير إلخ ( قوله : كذلك ) أي علم حله من الدين بالضرورة ولم يجز أن يخفى عليه ا هـ ع ش ( قوله : معلوما كذلك ) أي من الدين بالضرورة ولم يجز أن يخفى عليه ( قوله : من الخمس ) أي الصلوات الخمس ( قوله : أما ما لا يعرفه إلخ ) محترز قوله معلوم من الدين بالضرورة وظاهره وإن علمه ثم أنكره ، وهو المعتمد وفي شرح البهجة لشيخ الإسلام ما يخالفه ا هـ ع ش وقوله ، وهو المعتمد سيأتي عن المغني والسيد عمر ما يوافقه ( قوله : إلا الخواص إلخ ) يشكل على ذلك قوله : السابق أو صفة من وجوه الأداء المجمع عليها ؛ لأن تلك الوجوه لا يعرفها إلا الخواص اللهم إلا أن يفرض في وجوه يعرفها غير الخواص أيضا ا هـ ع ش ( قوله : وكحرمة نكاح المعتدة ) أي فلا يكفر منكرها للعذر بل يعرف الصواب ليعتقده وظاهر هذا أنه لو كان يعرفه أنه يكفر إذا جحده وظاهر كلامهم أولا أنه لا بد أن [ ص: 88 ] يعرفه الخاص والعام وإلا فلا يكفر وهذا ، هو الظاهر ا هـ مغني عبارة ع ش أي مع اعترافه بأصل العدة وإلا فإنكار العدة من أصلها كفر لثبوته بالنص وعلمه بالضرورة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وما لمنكره إلخ ) عطف على ما لا يعرفه إلخ ولعله محترز قوله ولم يجز أن يخفى عليه ( قوله : أو بعد إلخ ) عطف على تأويل ( قوله : أو بعد عن العلماء إلخ ) أي أو قرب عهده بالإسلام ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله : فلا كفر بجحده إلخ ) يشمل بالنسبة للأول ، وهو ما لا يعرفه إلا الخواص ما لو كان الجاحد من الخواص فقوله ؛ لأنه إلخ مشكل ، وإن خص بما إذا كان الجاحد ممن يخفى عليه ذلك فمقابلته بقوله أو بعد عن العلماء إلخ مشكل وينبغي تحرير المسألة سم أقول لك أن تختار الشق الأول ، وهو الشمول ولا إشكال فيه ؛ لأنه إذا انتفى العلم الضروري القطعي فعلمه ظني يجوز معه عدم صدور ذلك عنه صلى الله عليه وسلم فليست المخالفة فيه عذرا في التكذيب بخلافه في الضروري فإن الإجماع دلالته ظنية لا قطعية فليتأمل ا هـ سيد عمر ( قوله : بشهرته ) أي شهرة تحريمه على حذف المضاف وكذا قوله : بمنع ضروريته وقوله ونكاح المعتدة على حذف المضاف ( قوله : ليس كذلك ) أي فلا يكون إنكاره كفرا مطلقا ا هـ ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية