الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التدخين وقول بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء قبله

السؤال

لي صديق ملتزم نوعا ما، إلا أنه يعشق التدخين، فدار بيني و بينه حديث قبل أيام عن التدخين، فسألني سؤالا ولم أعرف أن أجيب، وأنا لست بمفت، فلذا أتوجه إليكم.
هو يقول إنه معذور لتدخينه والله سوف يعذره لأنه يعلم ما يحيطه من ظروف حزن و مشاغل الحياة ومشاكل بينه وبين عائلته وغيره من الأمور، و هو يرى أن التدخين منفسه الوحيد للتنفيس عما في داخله من هم ومن كرب .
سألني اذا كان ينفعه أن يقول: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء قبل أن يشعل سيجارته، لعل الضرر يختفي مثلا..؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فثبوت ضرر التدخين أصبح من الوضوح كشمس طالعة، قرر ذلك الأطباء من مسلمين وغيرهم، وكثر التحذير منه لما له من الأضرار البالغة على البدن.

وقد جاءت شريعة الإسلام بتحريم المضار ودفعها وحل الطيبات وتحريم الخبائث، والدخان خبيث لتبين ضرره البالغ وعدم فائدته البتة، وعليه فتعاطيه يعتبر ارتكابا للمفاسد المأمور بتركها وتجنبها في شريعة الإسلام.

وأما هذا الدعاء فلا يجوز أن يقال على الدخان لأن التسمية لا تكون على الحرام كمن يشرب الخمر أو يسرق ويقول باسم الله، بل عد بعض العلماء ذلك استهزاء يكفر به صاحبه.

قال في مجمع الأنهار: ويكفر بالاستهزاء بالأذكار وبشرب الخمر وقال باسم الله أو قال ذلك عند الزنا وعند الحرام المقطوع بحرمته أو عند أخذ كعبين للنرد أو عند رمي الرمل وطرح الحصى كما يفعله أرباب الفأل لأنه استخف باسم الله تعالى.

وجاء في حاشية الفروق: إن قال بسم الله الخ عند شرب الخمر ونحوه يكفر على ما في الخلاصة لأن التبرك والاستعانة بذكره لا تتصور إلا فيما أذنه ورضاه.

ومن خلال هذه النصوص الفقهية وما تقدم من تحريم الدخان لضرره يتبين أنه لا يجوز لصديقك البسملة على شرب الدخان.

ولكن يقول هنا الدعاء في الصباح والمساء لأنه من الأذكار المأثورة الصباحية والمسائبة ويجب عليه الإقلاع عند الدخان، وذكر الله تعالى هو الذي يزيل عنه الهم والضيق، وقد قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طـه:124}، فالضنك والنكد سببه البعد عن ذكر الله وطاعته

وقد ذكر الله تعالى علاج الضيق في كتابه فقال: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ*وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ. {الحجر:97،98، 99}

فنوصي الأخ بهذه الوصية الربانية: دوام التسبيح بقول سبحان الله وبحمده، وكثرة الطاعة، فإن ذلك يذهب عنه ما يجد من ضيق وهموم بإذن الله.

وراجع في حكم التدخين الفتاوى التالية أرقامها: 80783، 77376، 63170، 60087.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني