الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التقصير قبل رمي جمرة العقبة وترك المبيت بمزدلفة ومنى

السؤال

أنا سيدة قد أديت فريضة الحج في إحدى السنوات الماضية ورمى زوجي عني جمرة العقبة لوجود مسافة مشي حيث إننا حبسنا في الطريق بسبب الازدحام فسبقني زوجي مشيا إلى مزدلفة ثم منى تاركا ابني معي في الحافلة وقال لي لا نستطيع أن نمشي كل هذه المسافة مع الطفل وسوف لا نلحق في الوقت المحدد لجمرة العقبة وبالنسبة لي أصررت على الذهاب مشيا( مع أنني لست متأكدة أنني أستطيع ذلك) لكنه منعني خوفا من التعب وكنا قد أمضينا ليلة كاملة في الحافلة(شهدنا تعبا شديدا) وبقيت في الحافلة مع نسوة أخريات من نفس الحملة مرت عليهن الظروف نفسها وبعد وصولي إلى السكن قال لي زوجي إنه رمى عني فقصرت شعري, ثم قيل لنا يجب أن نذهب لأرمي جمرة العقبة وذهبنا ورميتها بعد المغرب وباقي الجمرات في الأيام التالية رميتها في وقتها، فهل علي هدي في ذلك؟ وإذا كان علي هدي آخر بسبب عدم المبيت في منى بسبب الظلم الذي حل علينا من الحملة فهل يجزئ هدي واحد في ذلك الحج. أفيدونا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فرمي الأخت السائلة جمرة العقبة ليلا بعد رمي زوجها لها هو الصحيح ولا هدي عليها بخصوص الرمي، ولا يصح رمي زوجها عنها لأنها وإن كانت تقبل النيابة لكنها تفتقر إلى النية وهي لم توكله في الرمي كما يفهم من صورة السؤال، وكذلك أخذها من شعرها بالتقصير قبل رميها صحيح ولا هدي فيه لأن الترتيب بين الرمي والحلق والطواف سنة قاله ابن القيم، وهو مذهب الشافعية والحنابلة وهو الصحيح.

أما الرمي ليلا فالصحيح من أقوال أهل العلم صحة الرمي ليلا وهو مذهب جمهور الفقهاء إلا الحنابلة الذين قالوا إن الليل ليس وقتا للرمي، ويصح قضاء عند المالكية وعليه دم، ومذهب الجمهور هو الأصح لما أخرجه البخاري في صحيحه قال سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: رميت بعد ما أمسيت، فقال: لا حرج. قال ابن العثيمين رحمه الله في الممتع: قوله بعد ما أمسيت يتناول أول الليل.

وأخرج الإمام مالك عن نافع في الموطأ: أن زوجة ابن أخ لصفية بنت أبي عبيد امرأة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما نفست في المزدلفة فتخلفت هي وصفية حتى أتتا بعد أن غربت الشمس من يوم النحر، فأمرهما ابن عمر رضي الله عنهما أن ترميا فرمتا ولم ير عليهما شيئا. وهو مذهب الإمام الشافعي.

أما ترك المبيت بالمزدلفة كما يفهم من حكاية السؤال في كونها حبست طوال الليل فلم تنزل المزدلفة إلا بعد طلوع الفجر ليلة النحر فلا هدي عليها للعذر لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لعمه العباس كما في الحديث الذي أخرجه الشيخان، ورخص لرعاء الإبل في ترك المبيت وألحق به أهل الأعذار، وهو مذهب المالكية والأحناف والشافعية.

أما ترك المبيت بمنى ثلاثة أيام التشريق بعد يوم النحر، فإن كان لعذر كمرض أو حبس أو غيره فلا شيء عليها، وإن كان لغير عذر فعليها هدي يجزئ في الأضحية كرأس من غنم أو سبع بدنة- جمل- أو سبع بقرة أو سبع جاموس يذبح في مكة أو الحرم ويفرق على فقراء الحرم لأنها تركت واجبا من واجبات الحج لغير عذر ولقول ابن عباس: من ترك نسكا فعليه دم. أخرجه مالك موقوفا وهو صحيح.

وللفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 29693 ، 13661، 29754 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني