الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تصح التوبة إذا تاب من ذنب وهو مصر على آخر

السؤال

شخص تاب من ذنب عظيم وهو شتم الله ورسوله - أستغفر الله العظيم - لكنه يرتكب بعض الذنوب مثل التدخين ومشاهدة الأفلام. هل توبته تعتبر باطلة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الواجب على العبد أن يتوب إلى الله تعالى من جميع الذنوب كبيرها وصغيرها، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا {التحريم: 8} وقال تعالى: وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ. {الحجرات: 11}.

ولا شك أن شتم الله تعالى وشتم رسوله صلى الله عليه وسلم هو أعظم الجرائم وأكبر الكبائر وأشد أنواع الكفر التي يستحق صاحبها عقوبة الخلود في النار والعياذ بالله، ومع ذلك فإن من فضل الله على عباده ورحمته بهم أن فتح لهم باب التوبة وقبولها منهم. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في فتاوى نور على الدرب: الاستهزاء بدين الله أو سب دين الله أو سب الله ورسوله أو الاستهزاء بهما كفر مخرج عن الملة، ومع ذلك فإن هناك مجالاً للتوبة منه، لقول الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. فإذا تاب الإنسان من أي ردة توبة نصوحاً استوفت شروط التوبة فإن الله تعالى يقبل توبته. اهـ

وقد اختلف أهل العلم في قبول التوبة من بعض الذنوب مع الإصرار على بعضها، والراجح أنها تقبل إذا لم يكن بينهما ترابط. قال ابن القيم: وأما التوبة من ذنب مع مباشرة آخر لا تعلق له به ولا هو من نوعه فتصح كما إذا تاب من الربا ولم يتب من الخمر مثلا فإن توبته من الربا صحيحة. اهـ

وعلى ذلك فإن توبة هذا الشخص صحيحة إذا تمت بشروطها من الندم والإقلاع وعقد العزم على ألا يعود إلى الذنب فيما بقي من عمره.

وسبق بيان شروط التوبة الصادقة في الفتاوى التالية أرقامها: 42083، 41414، 36627.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني