الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جلاء معنى (المتكبر-الجبار) وأنهما من صفات الكمال

السؤال

يقول بعض غير المسلمين : لم تقولون إن المتكبر من أسماء الله ؟ مع أن هذه الصفة ذميمة ، وليست مطلوبة والله تعالى لا يتصف من الصفات إلا بما هو كامل ولا يدل على شيء غير محمود ؟فكيف نرد عليهم ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن صفات الله تعالى باعتبار المقارنة بصفات العبد أقسام:
القسم الأول: ما هو كمال في الخالق والمخلوق، وذلك: كالسمع، والبصر، والحياة، والإرادة، و… وهذه تثبت لله سبحانه.
القسم الثاني: ما هو كمال في المخلوق ونقص في الخالق، كالنوم، والأكل، والشرب. وهذه لا تثبت لله سبحانه، بل هي من الصفات السلبية.
القسم الثالث: ما هو نقص في المخلوق كمال في الخالق، كالتكبر، والتجبر. قال سبحانه وتعالى عن نفسه: (الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ) [الحشر:23] .
قال ابن الجوزي في زاد المسير (8/227): فأما المتكبر ففيه خمسة أقوال:
أحدها: أنه الذي تكبر عن كل سوء. قاله: قتادة .
الثاني: أنه الذي تكبر عن ظلم عباده. قاله: الزجاج .
الثالث: أنه ذو الكبرياء، وهو الملك. قاله: ابن الأنباري .
الرابع: أنه المتعالي عن صفات الخلق.
الخامس: أنه الذي يتكبر على عتاة خلقه إذا نازعوه العظمة فقصمهم.
ذكرهما الخطابي -يعني القولين الأخيرين- وقال: التاء في المتكبر تاء التفرد والتخصص، لأن التعاطي والتكلف والكبر لا يليق بأحد من المخلوقين، وإنما سمة العبد الخضوع والتذلل، وقيل: إن المتكبر من الكبرياء الذي هو عظمة الله، لا من الكبر الذي هو مذموم في الخلق. انتهى كلامه

وقال صاحب كتاب (جواهر القرآن) (18/47):
المتكبر الذي تكبر بربوبيته فلا شيء مثله، وقيل: المتكبر عن كل سوء، المتعظم عما لا يليق به من صفات الحدث والذم، وأصل الكبر والكبرياء الامتناع وقلة الانقياد.
وقال حميد بن ثور : (عفت مثل ما يعفو الفصيل فأصبحت بها كبرياء الصعب وهي ذلول) والكبرياء في صفات الله مدح، وفي صفات المخلوقين ذم، وفي الصحيح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال -فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى - أنه قال: "الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني في واحد منهما قصمته، ثم قذفته في النار" .
وقيل: المتكبر معناه: الكبير، لأنه أجلُّ من أن يتكلف كبراً، وقد يقال: تظلم بمعنى: ظلم، وتشتم بمعنى: شتم، واستقر بمعنى: قر، كذلك المتكبر بمعنى: الكبير، وليس كما يوصف به المخلوق إذا وصف بتفعل إذا نسب إلى ما لم يكن منه ثم نزه نفسه، فقال: سبحان الله أي تنزيها لجلالته وعظمته عما يشركون. انتهى

وقال ابن كثير : وقوله تعالى العزيز أي: الذي قد عز كل شيء فقهره، وغلب الأشياء فلا ينال جنابه لعزته وعظمته وجبروته وكبريائه، ولهذا قال تعالى: (الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ) أي: الذي لا تليق الجبرية إلا له، ولا التكبر إلا لعظمته، كما تقدم في الصحيح م 2620: "العظمة إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني واحداً منهما عذبته" .
وقال قتادة : الجبار: الذي جبر خلقه على ما يشاء، وقال ابن جرير : الجبار: المصلح أمور خلقه المتصرف فيهم بما فيه صلاحهم، وقال قتادة : المتكبر يعني: عن كل سوء، ثم قال تعالى: (سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) . انتهى
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني