الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الواجب على المسلمين خاصة الدعاة إقامة الدين بكامله ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا

السؤال

ما هي الضوابط وماهي الثوابت وما المتغيرات في الرد على الواقع وخاصة في زماننا هذا؟ وما هي الأمور التي تستوجب الوقوف عندها في فقه الواقع؟ وهل اللحية ليست من الأساسيات؟ وهل سماع الأناشيد الممزوجة بالمعازف هي أمور ثانوية؟ ولو طبقنا الفتاوى في تحريمها أو لم نطبقها فهي أمر عارض الأهم دعوة الناس للصلاة فقط، علما أنني لا أريد فتوى في اللحية ولا في الأناشيد والأغاني، لكن هل هن من المتغيرات في الدين وتطبيقهن أمر عارض على العلماء وطلاب العلم ورجال الدعوة ذوي العقيدة الصالحة إن ربوا لحاهم أو لم يربوها أو سمعوا أناشيد بمجاهرة أو لم يسمعوها فلن تنتقص من دعوتهم شيئا ولا من هيبتهم ولا من الرسالة التي يحملونها ولا من تمثيلهم للدين وللشريعة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب على المسلمين جميعا أن يقيموا الدين الذي بعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم بحسب الإمكان، والواجب على العلماء والدعاة من ذلك أعظم مما يجب على العامة، ولا يجوز التهاون بشيء من شعائر الله أو تحقير شيء مما ثبت الشرع بالأمر به أو النهي عنه بزعم أن هذا دون غيره في الأهمية فهو من القشور أو المتغيرات أو المسائل الثانوية أو نحو ذلك مما درج البعض على استخدامه تكأة للتهاون في كثير من أحكام الشرع، ولا شك في أن الشخص ينتقص من دعوته ويتضع قدره وتقل مهابته في الناس بقدر تقصيره في الالتزام بشرع الله تعالى دقيقه والجليل، فمن قصر في فعل ما يقدر عليه من الالتزام بالشرع إن كان من المشتغلين بالدعوة والعلم الشرعي فإن ذلك مضر بدعوته بقدر ما قصر فيه، ولا ريب في أن الواجبات تتفاوت كما أن المحرمات تتفاوت تفاوتا عظيما، فليس ترك الصلاة كحلق اللحية، ولكن ليس معنى هذا أن يتساهل المكلف في ترك بعض ما يجب أو فعل بعض ما يحرم إذا كان قادرا على امتثال حكم الشرع بالزعم المذكور، فإن هذا من حيل الشيطان وخدعه التي انطلت على الكثيرين، بل قد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً {البقرة:208}.

قال ابن كثير رحمه الله: يقول الله تَعَالَى آمِرًا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ الْمُصَدِّقِينَ بِرَسُولِهِ أَنْ يَأْخُذُوا بِجَمِيعِ عُرَى الْإِسْلَامِ وَشَرَائِعِهِ وَالْعَمَلِ بِجَمِيعِ أَوَامِرِهِ، وَتَرْكِ جَمِيعِ زَوَاجِرِهِ، مَا استطاعوا من ذلك. انتهى.

فالواجب على المسلمين جميعا أن يقيموا دين الله تعالى في أنفسهم وأوطانهم بحسب القدرة، وما عجزوا عنه فإنهم غير مكلفين به، لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولمزيد التفصيل والفائدة انظر الفتوى رقم: 185765.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني