الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفضلية النافلة في البيت ليست على إطلاقها

السؤال

أنعم الله -تعالى- علي منذ الصغر ووفقني إلى حفظ القرآن الكريم وتجويده، وأنا أسكن بين مسجدين. أصلي إماما بالمصلين في أحد المسجدين الصلوات السرية لوجود إمام راتب به، يفرض عليه أن يصلي بالناس الصلوات الجهرية. وأصلي في المسجد الآخر إماما بالصلوات الجهرية؛ لعدم تعيين إمام له أصلا.
ووفقني الله -تعالى- إلى المحافظة على الإمامة في الصلاة بنسبة كبيرة جدا. لكني في الفترة الأخيرة أردت أن أصلي النافلة القبلية في بيتي تحقيقا لسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، ولكن ترتب على ذلك أنني أصبحت لا أدرك أحيانا تكبيرة الإحرام؛ نظرا لاستعجالهم بإقامة الصلاة، فأحيانا أدركهم، وأحيانا لا أدركهم في الإمامة وربما يفوتني الصف الأول أيضا. وبالتالي يصلي بالناس أحيانا من يجيد القراءة بالتجويد، وهو قليل. وأحيانا يصلي بهم من يقرأ بغير تجويد، ويلحن لحنا خفيا. وأحيانا من يقرأ بلحن جلي وخفي في الفاتحة، وغير الفاتحة.
والسؤال: أيهما أولى وأفضل في حقي أن أعود مرة أخرى لصلاة النافلة القبلية في المسجد، حتى أضمن إمامتهم، وتجنيبهم ممن لا يجيدون القراءة، ويلحنون في قراءة القرآن، وأكتفي بالنافلة البعدية في البيت، أو أستمر على النافلة القبلية في البيت بغض النظر عما يترتب على ذلك؟
أفيدوني، جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

ففي البداية نسأل الله -تعالى- أن يديم عليك نعمه، وأن يزيدك من فضلك، ونهنئك على الحرص على المواظبة على حفظ القرآن الكريم وتجويده، واتباع السنة، والاهتمام بالإكثار من أنواع الطاعات.

ثم إذا أمكنك الجمع بين فعل الراتبة التي قبل الفريضة في بيتك، ثم التبكير إلى المسجد، وإدراك الصف الأول، أو إمامة الناس؛ فهذا أفضل لك، وأعظم ثوابا.

فإذا لم يمكن ذلك، فالظاهر أن المحافظة على الراتبة القبلية أفضل؛ لأن الخطاب بها متقدّم على الخطاب بغيرها، كما قال بعض أهل العلم. وراجع في ذلك الفتوى: 129272، وهي بعنوان: " هل يصلي الراتبة في البيت ولو فاته الصف الأول"

وأيضا فإن بعض الفقهاء قد نصّوا على مسائل مستثناة من أفضلية النافلة في البيت، وليس من بينِها الأمور التي وردت في سؤالك.

جاء في مغني المحتاج على المنهاج: وروي «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورا» واستثني من ذلك النافلة يوم الجمعة؛ لفضيلة البكور، وركعتا الطواف، وركعتا الإحرام إذا كان في الميقات مسجدٌ، أو خاف فوت الراتبة لضيق وقت، أو بُعد منزله، أو خاف التهاون بتأخيرها، أو كان معتكفا. اهـ.

وفي الغرر البهية في شرح البهجة الوردية: (وأن يذهب للنفل) راتبا أو غيره من موضع فرضه إذا لم يخف فوته (إلى حيث سكن) أي: إلى مسكنه (أو) إلى (موضع آخر) لتشهد له المواضع.

والأول أفضل؛ لخبر الصحيحين: «صلوا أيها الناس في بيوتكم؛ فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة».

ويستثنى منه نفل يوم الجمعة قبل صلاتها، فالأفضل كونه في الجامع؛ لفضل البكور، وركعتا الطواف والإحرام.

قال الزركشي: وصلاة الضحى، والاستخارة، والماكث بالمسجد لاعتكاف، أو تعلم أو تعليم، فالأفضل كونها في المسجد. اهـ.

وراجع للفائدة، الفتويين: 73812، 64684.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني