الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم مصافحة الأقارب العجائز

السؤال

لقد أرسلت لكم سؤالا يتعلق بالمصافحة وتم إجابتي بالفتاوى 1025/15995/12503 وحيث إن الموضوع في غاية الأهمية لأنه يوجد لدينا بليبيا عادات وتقاليد تختلف عن البلدان الإسلامية الأخرى وبالإضافة إلى كبار السن فهم ليس لهم أي مستوى تعليمي فتوجد لدي زوجات أعمامي وزوجات أخوالي فإن لم أصافحهن فسوف تسبب مشاكل عائلية وبالإضافة إلى أنهن مثل أمي فهن كبيرات في السن وفي المصافحة لا توجد أي شبهة يمكن للشيطان أن يدخل في أحــد الطرفين فهــل يجوز المصافحة بالقفاز إن تطلب الأمـــر أو أن أبتعــد عن زيارة أقاربي أي قطــع صلة الرحم؟
فأرشدونـا جزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن على المسلم الاحتياط لنفسه والسعي في سبيل التورع عن الأمور المشتبه فيها والمختلف فيها، فإن السلامة مما اختلف في جوازه وتحريمه إنما تتم بالبعد عنه.

ومسألة مصافحة العجائز اللاتي لا تخشى بهن الفتنة ورد فيها خلاف بين العلماء فعلاً، ولكن المسلم العاقل يحرص على سلامته من عذاب الله، ويقدم رضى الله على رضى الناس، ويتابع الهدي النبوي ويقدمه على العوائد، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم البعد عن مصافحة النساء والوعيد الشديد على مسهن، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة، ما كان يبايعهن إلا بالكلام. رواه البخاري ومسلم.

وقد أخرج الإمامان مالك في الموطأ وأحمد في المسند وغيرهما عن أميمة بنت رقيقة أنها قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة بايعنه على الإسلام فقلن: يا رسول الله؛ نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيك في معروف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لا أصافح النساء، إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة أو مثل قولي لامرأة واحدة. والحديث صححه الألباني والأرناؤوط.

وثبت عنه في الوعيد على مسهن قوله صلى الله عليه وسلم: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. رواه الطبراني والبيهقي. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله ثقات.

وبهذا يتضح أن الأسلم والأرضى لله أن تترك مصافحتهن، وأما المصافحة بالقفاز فقد سئل الإمام أحمد عنها، وأفتى بمنعها. واعلم أن العوائد يجب نبذها عند خلافها للشرع كما قال الناظم:

فالعرف إن صادم أمر الباري *وجب أن ينبذ بالبراري

إذ ليس بالمفيد جري العيــد *بخلف أمر المبدئ المعيد

واعلم أن قلوب العباد بيد الله، فإذا قدمت طاعته على هواهم أرضاهم عنك، فقد روى ابن حبان في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس.

فالحاصل أنا ننصحك بترك المصافحة وبالاتصال بأعمامك وأخوالك دون أن تدخل على زوجاتهم، واحرص على تعليمهم العلم الشرعي وتقوية إيمانهم حتى يخضعوا للحق جميعاً، وليكن ذلك بحكمة ورفق، وراجع الفتاوى التالية أرقامها للمزيد في الموضوع: 27658، 15995، 33816، 36155.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني