الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوبة من ذنب مع الإصرار على ذنب آخر

السؤال

هل التوبة لله تكون بترك كل المعاصي أم يمكن التوبة من فعل معين؟ وهل يجوز أداء الطاعات من صلاة وذكر وغيرها مع اقتراف بعض بالمعاصي التي يحتاج التخلص منها جهدا وعزيمة كمشاهدة الأفلام والعادة السرية وغيرها من مشاكل الشباب؟ وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن التوبة لله سبحانه وتعالى تكون بترك جميع المعاصي صغيرها وكبيرها، وقد تحصل من ذنب مع الإصرار على ذنب آخر كمن يفعل ذنوبا كثيرة فيتوب من بعضها فإن الله يتوب عليه ويقبل توبته مما تاب منه، على خلاف في المسألة .

قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى: وعند أهل السنة والجماعة يتقبل العمل ممن اتقى الله فيه فعمله خالصا لله موافقا لأمر الله، فمن اتقاه في عمل تقبله منه وإن كان عاصيا في غيره، ومن لم يتقه فيه لم يتقبله منه وإن كان مطيعا في غيره، والتوبة من بعض الذنوب دون بعض.

وقال ابن القيم في كتابه مدارج السالكين في معرض كلامه على هذه المسألة: والذي عندي في هذه المسألة أن التوبة لا تصح من ذنب مع الإصرار على آخر من نوعه، وأما التوبة من ذنب مع مباشرة آخر لا تعلق له به ولا هو من نوعه فتصح كما إذا تاب من الربا ولم يتب من الخمر مثلا فإن توبته من الربا صحيحة.

وقد بينا شروط التوبة الصادقة في الفتوى رقم: 42083، والفتوى رقم: 41414، والفتوى رقم : 36627.

ويصح فعل الطاعات مع تلبس المرء ببعض المعاصي كما سبق في كلام شيخ الإسلام بل يجب على المرء أداء ما افترض عليه ولو كان مقيما على معصية ما ويسقط عنه التكليف بذلك الأداء إن كان على الوجه المطلوب شرعا، ويكون ممن خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، كما قال تعالى: ...........خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {التوبة: 102}

والتوبة الصادقة مقبولة وإن تكرر الذنب من التائب وعاد إليه دون إصرار كما في الفتوى رقم: 12067، 1909.

مع التنبيه إلى أن العادة السرية محرمة كما بينا في الفتوى رقم: 910 وللتخلص منها انظر الفتوى رقم: 23935، وكذلك مشاهدة الأفلام الإباحية والصور الخليعة كل ذلك من الأمور المحرمة التي تقسي القلب وتبعده من خالقه وتعرضه لسخطه كما بينا في الفتوى رقم:66، 3605.

نسأل الله تعالى أن يعصمنا من الشرور والآثام وأن يوفقنا للتوبة النصوح إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني